هل بات ممكناً القول إن تلقّي جرعتين فقط من لقاحات «كورونا» لم يعد كافياً؟ على ما يبدو أن الجواب بات نعم، مع البدء بمرحلة جديدة من مسار عملية التلقيح تقضي بإضافة جرعة ثالثة معزّزة. فقبل أيام، أعلن وزير الصحة فراس الأبيض منح الوزارة الإذن للبدء بإعطاء جرعة ثالثة معزّزة من اللقاحات، على أن تقتصر في الفترة الراهنة على كبار السن الذين تفوق أعمارهم الـ 75 عاماً والعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، ومن يعانون من أمراضٍ مناعية.
لكنْ ثمة فئة ثالثة من المستهدفين لم تأت ضمن إعلان الوزارة، ومن المؤكد أنها تحتاج إلى جرعة ثالثة، وهي فئة الملقحين بلقاح «سينوفارم» المتعارف عليه باللقاح الصيني. والتلقيح بجرعة معزّزة لهؤلاء لا يأتي من باب الترف، وإنما من باب «الواجب»، بعدما كشفت دراسة أشرف عليها رئيس اللجنة الوطنية للقاح، الدكتور عبد الرحمن البزري، وأعدّها عدد من الأطباء، ومنهم المعدّة الرئيسية الدكتورة ريما مغنية، أن الملقحين بـ«سينوفارم» لم يكوّنوا مناعة كافية لمواجهة متحورات فيروس كورونا.
الدراسة السريرية التجريبية التي أجريت في مستشفى المقاصد في بيروت بين 17 شباط و30 حزيران الماضيين على 75 فرداً، ونُشرت في مجلة «vaccine» العالمية، بيّنت أن الملقحين بـ«سينوفارم» لم يظهروا مناعة قوية في مواجهة الفيروس، وأن عدداً لا بأس به من الملقّحين الذين أصيبوا بالفيروس أظهروا عوارض قوية، على عكس من تلقّوا لقاحات أخرى.
تأتي الدراسة بعد تجارب خاضتها بعض الدول، منها منغوليا والإمارات العربية المتحدة والبحرين، دخلت موجة قاسية من فيروس كورونا رغم أن معظم سكانها كانوا قد تلقّوا جرعتين من لقاح «سينوفارم». وهو ما دفع الإمارات إلى اتخاذ القرار بإعطاء جرعة ثالثة معززة لكل من تلقوا سابقاً اللقاح الصيني. وقد لجأ لبنان الى التدبير نفسه عبر إلزامية الجرعة الثالثة لكل من تلقى جرعتين من «سينوفارم»، وقد صدرت توصية عن اللجنة الوطنية للقاح بذلك.
المرحلة الأولى تشمل كبار السنّ والعاملين الصحيّين والملقّحين بـ«سينوفارم»
معدّو الدراسة أجروا تجارب عما يمكن أن تكون عليه الجرعة الثالثة. وأوضحت مغنية أن الخيار كان بإطلاق تجربة مزج اللقاحات، من دون حصر الجرعة الثالثة باللقاح نفسه، أي باختبار فرضية تطبيق الجرعة الثالثة من لقاح فايزر للملقحين بجرعتَي «سينوفارم». وقد أظهرت التجارب السريرية أن ما قبل «سينوفارم» ليس كما بعده، فبحسب مغنية، أظهر حقن الأشخاص بجرعة ثالثة من لقاح «فايزر» أن «المناعة لدى هؤلاء الأشخاص طلعت للسما»، علماً بأن هذه الدراسة من أولى الدراسات التي جمعت بين «سينوفارم» و«فايزر»، فيما كان المزج التقليدي قد جرى سابقاً بين «استرازينيكا» و«فايزر» في بريطانيا وألمانيا.
بعض المستشفيات بدأت التلقيح بالجرعة الثالثة، إلا أنها لا تزال مقتصرة على «من يرغب من العاملين في القطاع الصحي» بحسب مغنية، لافتة إلى أن تعميم التجربة على بقية المستهدفين قد يبدأ في غضون أيام. فيما أشار البزري أيضاً إلى أن تدبيراً آخر سيدخل حيز التنفيذ وهو المزج بين اللقاحات.
لكن، هل تتوقف الجرعة الأخيرة على هؤلاء فقط؟
بحسب التجارب في العالم، ومنها الولايات المتحدة، ثمة توجّه لأن تكون الجرعة الثالثة المعزّزة واقعاً وليست خياراً لكل من تلقّوا لقاحات، بغض النظر عن نوعها. وفي هذا السياق، تشير مغنية إلى أنه رغم أن اللقاحات الأساسية كـ«فايزر» و«أسترازينيكا» وغيرهما أظهرت فعالية مناعية، إلا «أننا واصلون» إلى أن تكون الجرعة الثالثة هي آخر الجرعات في كل اللقاحات، وليس الجرعة الثانية. ويتوقف ذلك في لبنان مثلاً على «عدد اللقاحات المتوافرة»، مشيرة إلى «أننا اليوم بصدد أربع دراسات تتعلق بالجرعة الثالثة».