IMLebanon

لبنان الكيان المعلول

 

التلهّي بالدّوران في فراغ حلقة الخيار الثالث وما بعده وما قبله لانتخاب رئيس لجمهوريّة وهميّة يفرضه حزب إيران على لبنان هو مجرّد تضييع وقت وتكاذب ربما صار لزاماً القول بوضوح إن تسوية اتفاق الطائف ماتت منذ سقطت مضرّجة بدماء الرئيس رفيق الحريري عام 2005 ثمناً للصراع الإيراني ـ السعودي – الأميركي على العراق، وصولاً إلى سقوط «تسوية الدّوحة» وبعدها اتفاق بعبدا الذي تمّ تسجيله في الأمم المتّحدة ولاحقاً خديعة الكذّاب جبران باسيل بانقلابه على «تسوية معراب وبيت الوسط»، وتكرار نفس لعبة التعطيل المستمرّ منذ العام 2006 على «يدِ الثنائيّة» التي لا تزال تفرض التعطيل على الحياة السياسيّة وتتهم به الآخرين! ما يحدث مجرّد أوهام تسوية، والآتي أعظم فقنبلة الاحتلال السوري البشري جاهزة للانفجار في أي لحظة، هناك جيش يجري بناؤه «على السريع» في غضون أسابيع سيكون جاهزاً لزعزعة استقرارنا الهشّ في أيامٍ قليلة!

 

وللحقيقة، إنّ مفتاح الحلّ للأزمة اللبنانيّة ليس في انتخاب رئيس للجمهوريّة هذا الكلام أصبح مجرّد «هراء» حتى لا نقول أكثر من ذلك سواءً ذهب جان إيف لودريّان أم عاد وسواء اجتمعت اللجنة الخماسيّة، ومهما تعدّدت المبادرات وأسماء المبادرين الحلول لأزمات لبنان لا مفاتيح لها وأصعبها على الإطلاق الأبواب السياسيّة الموصدة بألف قفل وقفل، انتخاب الرّئيس ليس هو الحلّ، ولا انتخاب مجلس نيابي جديد هو الحلّ، ولا تشكيل حكومة جديدة هو الحلّ، والتقسيم ليس هو الحلّ، والفيدراليّة ليست هي الحلّ، لبنان كيان تاريخي ولكنّه كيان معلول لا يموت ولا يعيش بصحّة تامّة، كلّ بضع سنين تنتكس حاله كلّما تغيّرت المعادلات الإقليميّة في المنطقة، سواء أعجبنا أو لم يعجبنا هذا هو الواقع الذي يسمّونه «تسوية» ويتفاخرون بأنّ لبنان بلد التسويات، وكلّ تسوية منها انتهت بحربٍ صغيرة أو كبيرة!

 

«التّوك فينا» لا في الاحتلالات التي كنّا نستقوي بها من أيام القناصل قبل ثلاثة قرون بكلّ حروبها ومجازرها وتقسيماتها، الحلّ في أن يفرض علينا العالم صيغة حلّ لبضع عقود ثمّ تعديلها بحسب نجاح أو فشل التطبيق، لأنّ انتخاب رئيس ليس حلّاً، لم يكن الرّئيس في لبنان إلا لإدارة الأزمة أو هو الأزمة بنفسها..أيّ محدّق في صورة الواقع اللبناني من خارج الصورة سيرى أفرقاء متناحرين في مختلف الطّوائف، ما يؤشر إلى تعذّر انتخاب رئيس للجمهوريّة بسبب تصارع المسيحيّين على كرسي الرّئاسة، وهذا الصراع هو الذي يتيح للفرقاء الآخرين أن يتحكّموا في اسم الرئيس، ليس هذا فقط فمن دون موافقة السُنّة والشيعة أو أحدهما يتعطّل انتخاب الرئيس، المثال الأقرب للذاكرة الرئيس أمين الجميّل: وافق السُنّة عليه مثلما مشى الرئيس صائب سلام بالرئيس الراحل بشير الجميّل، وانقلب الشيعة على أمين الجميّل ومشوا مع الاحتلال السوري فانقسم الجيش اللبناني واندلعت حربٌ طاحنة وانقلاب سياسي لا يزال مستمرّاً حتى اليوم، وحتى اليوم لم تتضح نهايه هذا الانقلاب الذي لا نزال ندفع ثمنه تعطيلاً وارتهاناً للاحتلال الإيراني!