بريبة وحذر وقلق كبير تلقف الدروز في لبنان تهديد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش » للزعيم الوطني النائب وليد جنبلاط خصوصا أن هذا التهديد الواضح والعلني جاء مباشرة من دون أي مواربة أو خشية من ردة فعل بني معروف وغضبهم على حد قول مصادر درزية، فيما لو مس هؤلاء المتطرفون بزعيم الطائفة الأول للموحدين الدروز في لبنان والمنطقة اي وليد جنبلاط الذي لعب دورا كبيرا في الآونة الأخيرة في تثبيت حياد الدروز من الصراع الطائفي والمذهبي الجاري في المنطقة بعد أن قام جنبلاط بجولات مكوكية للعديد من القرى والبلدات الدرزية من أجل تنفيس الإحتقانات و ضبط الشارع الدرزي ومنع انجراره لأي مواجهة مع التنظيمات المتطرفة التي ينظر إلى نهجها وسلوكياتها من قبل شرائح عديدة في أوساط طائفة الموحدين المسلمين العرب الدروز بقلق على المستقبل والوجود والمصير الذي سيكون بحسب مرجعيات درزية قاتما مظلما فيما لو تمكن هؤلاء المتطرفون الضالون عن قيم ومبادئ الإسلام الصحيحة في الإنفتاح والإعتدال والتسامح من بسط سيطرتهم وإقامة دولتهم في سوريا والعراق بقوة السيف والبطش والترهيب لكل من يخالفهم أو يعترضهم.
وفي هذا الإطار، رأت مصادر توحيدية درزية روحية بأن الأغلية الساحقة من دروز لبنان وقسم لا يستهان به من دروز سوريا هم على قناعة تامة بخيارات وتوجهات جنبلاط لناحية التشبث بموقع الحياد البعيد عن أي انحياز درزي لأي جهة في الأزمة السورية، كما أنهم على قناعة راسخة بأن هناك خطأ كبيراً في أن يجر الدروز ليكونوا طرفاً أو رأس حربة إلى جانب هذا الفريق أو ذاك في الأزمة السورية بتشابكاتها وتعقيداتها الدولية والإقليمية حيث تسود لعبة الأمم ومصالحها الجهنمية التي لا قدرة للدروز على تحمل وزر تداعيات عواقبها الوخيمة على المصير والوجود فيما لو انزلق الدروز نحو أخطاء جسيمة في الخيارات، لأنه ليس المطلوب أن تكون هناك مخططات واستراتيجيات كبرى للدروز في هذه المرحلة الخطيرة المتحركة من تاريخ هذه المنطقة حيث تزال خرائط وترسم خرائط جديدة بل المطلوب فقط منهم هو حسن التصرف بعقل ووعي وحكمة وشجاعة في التعاطي مع الأحداث الجارية حولهم من أجل أن يحافظ الدروزعلى وجودهم وحياتهم وبقائهم كما هو حال الدروز في كل المراحل الصعبة التي مروا بها عبر التاريخ القديم والمعاصر.
المصادر أشارت الى انه يخطئ من يظن بأن حياد الدروز في هذه المرحلة هو حياد ضعف أو تردد فالدروز اليوم كما في أي مرحلة من تاريخهم حاضرون جاهزون للرد على أي عدوان أو اعتداء على مناطقهم أو أبنائهم في أي بقعة من هذه المنطقة، ومن يستخف بالدروز أو يقلل من شأن عزيمتهم وبأسهم عليه أن يراجع التاريخ جيدا ليدرك بأن الدروز لا يعتدون على أحد إلا أنهم لطالم كبدوا المعتدين عليهم الخسائر الفادحة وأذاقوهم مرارة الهزيمة النكراء مهما كثر عديدهم ومهما تعاظم تسليحهم وهذا الأمر ينطبق على هؤلاء المتطرفون الضالون الذين يحب أن يحسبوا ألف حساب قبل أن يفكروا ليس فقط في الإعتداء على الزعيم وليد جنبلاط بل على أي مواطن درزي أينما كان.
وفي هذا السياق اكدت المصادر بأن تهديد «داعش» للزعيم وليد بك جنبلاط لن يمر مرور الكرام خصوصا أن أثر هذا التهديد قد استفز الدروز في كل أنحاء الجبل واستنفر هممهم لمواجهة أي خطر داهم قد يهدد جنبلاط أو أي منطقة درزية في لبنان من أي جهة كانت. مضيفة بأن ثوابت الموحدين الدروز بقيادة زعمائهم التاريخيين واضحة ومعروفة وهي لن تتغير ولن تتأثر رغم كل محاولات التشويش وحملات الإستهداف والتهويل والتهديد، وهذه الثوابت تتمحور حول صون السلم الأهلي والتوازن الوطني وحماية عناصر قوة لبنان وفي مقدمتها دعم الجيش اللبناني والتمسك بالدولة كخيار ثابت لحماية المجتمع اللبناني بكل تنوعه وتعدده من جميع المخاطر الداهمة.مؤكدة بأنه حتى هذه اللحظة لا يوجد قرار رسمي درزي بالتسلح في مناطق الدروز في لبنان، مع العلم أن شباب الدروز في كل القرى والبلدات الدرزية يضغطون على زعمائهم لإطلاق العنان لموجات التسلح استعداداً لمواجهة أي خطر داهم إلا أن زعماء الطائفة لم يوافقوا بعد على هذا الأمر، وهم في ذلك من خلال هدوئهم ورصانتهم وعقلانيتهم وبعد رؤيتهم وتشاورهم وتنسيقهم الحثيث مع المرجعيات الروحية العليا في الطائفة الكريمة لا يزالون متمسكون بطروحات التهدئة وضبط الشارع ومنع تفاقم الإحتقانات والتوترات بكل أشكالها.
وشددت المصادر على الرغم من الموقف الرسمي للقيادات والمرجعيات الدرزية الزمنية والروحية في مسألة رفض التسلح، إلا أن الدروز معروف عنهم بأنهم لم يتخلوا يوما على المستوى الفردي عن اقتناء السلاح حتى ولو اضطرهم ذلك في بعض الأحيان إلى بيع مقتنياتهم الخاصة والمنزلية في سبيل الحصول على السلاح الفردي المنزلي الذي يعتبره أفراد الطائفة الدرزية بأنه يجب أن يكون في كل بيت درزي قبل الأكل والشرب موضب حاضر للإستخدام في أي لحظة، لأن الدروز بتجاربهم العديدة بات لديهم عادات ثابتة لا تتزعزع من ضمنها قناعتهم الراسخة بإقتناء السلاح وذخيرته، لأنه من مسلمات أبناء طائفة التوحيد بأنه عندما تفرض التحديات وتحل الشدائد يبقى فقط لهذا السلاح الدور الأساس الذي من خلاله تحفظ الأرض وتصان الأعراض والكرامات التي من أجلها خاض الدروز على مر التاريخ صولات وجولات من الحروب الطاحنة والمعارك الضارية ولم يبخلوا في أن يقدموا الشهداء والتضحيات الجسام من أجل الإنتصار في قضية الارض والعرض والكرامة وهذا الأمر ثابت راسخ لم ولن يتغير لا اليوم ولا في أي زمان.
المصادر الدرزية اشارت الى ان قلق جماهير طائفة الموحدين الدروز من خطر التنظيمات المتشددة والمتطرفة نابع من قناعة عند شرائح واسعة في المجتمع الدرزي المواظب على قراءة ومتابعة الأخبار والتطورات في لبنان ومحيطه وجواره، بأنه لا مكان للحياد مع التيارات المتطرفة التي من ضمن اهدافها الأساسية والإستراتيجية استئصال الجماعات والطوائف والمذاهب المغايرة لها في المنطقة العربية وكل العالم، فالحياد برأي هؤلاء لا يمكن أن يتحقق من جهة واحدة أي من الدروز في حين أن الطرف الآخر أي المتطرفين لا مكان في قاموس عقيدتهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم للحياد بالمعني الذي يسعى إليه بعض زعماء الطائفة وهم مشكورون في هذا السعي لأنه نابع عن الحرص وبذل الجهود من أجل حماية الطائفة الدرزية وأبنائها من أهوال مخاطر هذه المرحلة العصيبة. كما أن هؤلاء يعتبرون بأن فكرة حياد الدروز لا يجوز أن تكون فقط الخيار الوحيد المطروح والمتاح، بل لا بد من وجود خطط وخيارات أخرى في حال وقوع الأسوأ وهذا الأمر يقتضي بطبيعة الحال استنفارا عاما للهمم والطاقات من أجل أن يكون أبناء طائفة الموحدين المسلمين الدروز على أهبة الجهوزية في حال سقط خيار الحياد وفرضت المعركة على الدروز الذين ما تعودوا سوى أن يكونوا شجعان أقوياء في مواجهة كل التحديات المقدَّر لهم أن يخوضوها في هذه الدنيا الفانية.