لا اختراق في الجدار الرئاسي.. و«الثنائي» يتعامل مع ترشيح فرنجية بنفس طويل
مع تراجع منسوب التفاؤل بإمكانية إحراز تقدم على صعيد الملف الرئاسي، فإن مسألة النازحين قفزت وبقوة إلى واجهة الاهتمامات الداخلية، أمام العجز الداخلي الواضح عن التصدي لتداعياته على مختلف الأصعدة، في وقت برزت مواقف تحذر من الخطر الأمني الداهم، نتيجة تحول بعض مخيمات النزوح بؤراً إرهابية، توازياً مع المداهمات المستمرة للجيش إلى عدد من هذه المخيمات، وما يتم العثور عليه من أسلحة وممنوعات.ووسط الخشية الجدية من تحول النزوح إلى قنبلة موقوته، معرضة للانفجار في أي وقت، وفي ظل لامبالاة دولية مقلقة، كانت لافتة التحذيرات التي أطلقها وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، من تداعيات النزوح، وما يشكله من خطر أمني كبير على البلد، وليس أدلّ على ذلك، إشارته إلى أن عدداً كبيراً من الجرائم المتنوعة والكبيرة يرتكبها سوريون بنسبة تفوق الـ30 في المائة.وتأكيده على أنه «لن نسمح للوجود العشوائي للسوريين وسيتم تحديد أعدادهم في الوحدات السكنية».
ومع الازدياد المخيف في أعداد النازحين في لبنان، قياساً إلى مجموع اللبنانيين، فإن تحذيرات الوزير مولوي، بـ«أننا لن نقبل باستباحة بلدنا وتغيير ديموغرافيته مقابل المال»، وأن «لبنان ليس للبيع»، تنذر بأن هذا الملف قاب قوسين من الانفجار، إذا لم يتم وضع حد لاستمرار التفلت في ما يتصل بهذا الملف على مختلف المستويات. وهذا ما يفرض على الحكومة وفق ما تقوله لـ«اللواء» أوساط نيابية بارزة أن تحسم أمرها على هذا الصعيد، وتقوم بكل الإجراءات الكفيلة بوضع حد لتدفق النازحين عبر الحدود. من خلال تشديد المراقبة عبر الجيش والقوى الأمنية، وتحميل القوى السياسية مسؤولياتها بالنسبة لهذه المسألة. كذلك فتح الخطوط مع الجانب السوري، ليقوم بالدور المطلوب منه في منع مواطنيه من الدخول إلى لبنان، سيما وأن المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية خاضعة لسيطرته، وبإمكانه إذا أراد أن يحد من أعداد الداخلين إلى لبنان.
وتشير الأوساط إلى أن المجتمع الدولي يتحمل أيضاً مسؤولية أساسية في تفاقم معاناة اللبنانيين جراء تبعات النزوح التي باتت أكبر من قدرتهم على تحملها، ما يستوجب قيام الدبلوماسية اللبنانية بحملة واسعة النطاق، لإرغام المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في هذا المجال، من خلال الضغط على النظام السوري لإعادة هؤلاء النازحين، على أن تتكفل الدول المانحة بتقديم الدعم المالي لهم، وهم موجودون داخل سوريا، باعتبار أن الاستمرار في توفير الأموال للنازحين في البلاد التي يقيمون فيها، لن يشجعهم على العودة إلى وطنهم الأم، وبالتالي سيبقون حيث هم، مع ما يشكله ذلك، من مخاطر على البلدان المستضيفة، وفي مقدمها لبنان الذي تحمل أكثر من غيره.
وقد شرح عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيمون أبي رميا للبرلمان الأوروبي، خطورة الوضع في ما يتصل بمسألة النزوح، وعرض عدد السوريين في لبنان «الذي تخطّى المليونين ومئة الف نسمة اي ما يساوي اربعين في المئة من سكان لبنان»، متطرقا الى تكلفة النزوح على لبنان» التي ناهزت الخمسين مليار دولار من استهلاك مياه وطاقة وصرف صحي، ومعالجة نفايات وتعليم في المدارس والجامعات، حيث يساهم المجتمع الاوروبي بثلاثة عشر مليار دولار ليتكلف لبنان من ميزانيته اكثر من سبعة وثلاثين مليار دولار». وهذا ما جعل لبنان عاجزاً عن القيام بما يلزم لمساعدة النازحين، في ظل هذه الارقام الصادمة والكارثية التي وضعها أبي رميا في ايدي نواب البرلمان الاوروبي، في خلال مشاركته في اجتماعات ولقاءات في ستراسبورغ على مدى ثلاثة ايام، على أن ينتقل الى باريس لعقد اجتماعات مع اعضاء مجلس النواب الفرنسي ومجلس الشيوخ، من أجل إطلاع المسؤولين الفرنسيين على العبء الكبير الملقى على عاتق لبنان إزاء هذه القضية.
وفي وقت تراجع منسوب التفاؤل بإمكانية إحراز تقدم في ما يتصل بالموضوع الرئاسي، لوصول الوساطات إلى حائط مسدود، بعدما أبدى «الثنائي» رفضه لـ«الخيار الثالث»، فقد علم ان وزير الدولة في الخارجية القطرية محمد الخليفي أرجأ زيارته لبيروت، والتي كانت متوقعة في ٥ الجاري، في حين أن المسؤول الامني جاسم بن فهد آل ثاني الموجود راهنا في لبنان، سيبقى فيه تحضيرا لزيارة وزير الخارجية القطرية، حينما تنضج ظروفها ويحين موعدها. لكن دون تسجيل الدوحة أي اختراق جدي يسمح بتهيئة المناخات، لإمكانية حصول توافق على شخصية الرئيس العتيد، حيث لا زالت المواقف على حالها، طالما أن «الثنائي» مصر على دعم سليمان فرنجية، ولا يبدي أي تنازل لمصلحة غيره.
لكن في المقابل، فإن تصاعد الاحتدام الكلامي بين قيادات الموالاة والمعارضة، من شأنه في حال استمراره أن يزيد القلق على الاستقرار، حيث ترتفع وتيرة التحذيرات مما ينتظر البلد، إذا طال أمد الشغور ولم تنجح الوساطات في التوفيق بين وجهتي نظر الموالاة والمعارضة من الملف الرئاسي، وسط خشية حقيقية من جانب المعارضة، من أن «حزب الله» بالتحديد، يعيد نفس الأسلوب الذي اعتمده قبل انتخاب الرئيس ميشال عون، لوضع الجميع في الداخل والخارج أمام الأمر الواقع، وهو إما فرنجية رئيساً، أو بقاء لبنان في الفراغ. وهذا ما سبق أن أشار إليه البطريرك بشارة الراعي الذي كان يدرك أبعاد المخطط الذي يسعى إليه الحزب وحلفاؤه، في وقت حذرت القوى المعارضة من تهديدات قياديين في الحزب للفريق الآخر الذي يرفض محاولات حلفاء إيران فرض رئيس على اللبنانيين، مشددة على أن اللعب بورقة الاستقرار سيأخذ لبنان إلى مزيد من التفتت والانهيار على مختلف الأصعدة.
والسؤال الذي يطرح، هل أن هناك من يعمل لتوتير الأجواء، وأخذ اللبنانيين إلى الفوضى من جديد، سعياً لفرض أمر واقع يستطيع من خلاله أن يحقق ما يريد؟. لا تخفي المصادر المعارضة خشيتها من هذا المخطط، «في حال فشل الحزب في إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا». وإذا كان هذا الفريق ليس في وارد التراجع، إلا أن الظروف الراهنة برأيها، «تختلف عن الظروف التي ساعدت الحزب على إيصال عون إلى رئاسة الجمهورية. وهذا ما سيحول بالتأكيد دون انتخاب فرنجية. لأنه ليس من مصلحة اللبنانيين انتخاب رئيس تحد، في ظل الظروف الشديدة التعقيد التي يعانونها في شتى المجالات».