IMLebanon

المثالثة المقنّعة بالإكراه

 

عادت الثنائية الشيعيّة إلى مناورة تكريس المثالثة بإصرارها على مصادرة «وزارة الماليّة» منذ العام 2010 ونحن نحذّر من سعيها لتكريس مساواة توقيع وزير المالية لتوقيعي رئيسا الجمهوريّة ومجلس الوزراء على المراسيم! وما الكلام المسرّب بالأمس عن مصادر حزب الله بأن لا تراجع «عن تكريس وزارة المال للطائفة الشيعية اذا كنا فعلاً نريد شراكة حقيقية في البلد» إلا تأكيدٌ على أنّ الثنائية الشيعيّة نجحت في تكريس المثالثة من خارج نص الدستور اللبناني ولكن إلى حين.

 

الآن أصبح كلّ شيء معلناً، لم تعد الرّغبة الشيعيّة سرّاً ولا تقال مواربة، باتت تصريحاً علنياً هذا ما أوضحته «مصادر حزب الله» بقولها: «ما دامت الطائفية مُكرّسة في شكل رسمي في الدولة، واحتراماً لمبدأ الشراكة في اتّخاذ القرارات، يجب ان تكون وزارة المال من حصّتنا، كي ينضم توقيع وزيرها الى التوقيعين الماروني والسنّي للمراسيم والقوانين، وهذا الموقف لا يجوز ان يُفهم منه عرقلة مُبكرة لمسار تشكيل الحكومة ووضع العصي في الدواليب، وإنما حق مكتسب لنا لن نتنازل عنه، ومحاضر اتفاق الطائف تؤكد على ذلك»، بالمناسبة أين هي هذه المحاضر، ولماذا ما زالت مصادرة من الرئيس حسين الحسيني؟!

مجدّداً ستجد الدولة مع هذا «الفرض» أمام التعطيل، أزمة توقيع رئيس الجمهورية لتوقيع مرسوم ترقية ضباط دورة 1994 ما زالت ماثلة في الأذهان، منذ العام 2005 عرقلت الثنائيّة الشيعيّة ـ بصرف النظر عن الفريق الذي تكون حليفة له ـ  تشكيل الحكومات التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مرّة عبر الثلث المعطّل ومرّة عبر الثلث الضامن، واقتراحات حكومات الثلاث عشرات، كلّ هذه المحاولات أوصلت الثنائية الشيعيّة إلى قناعة أنّ فرض التوقيع الشيعي هي أقصر الطرق لتحقيق المثالثة «من دون وجعة راس»!

مجدّداً نحن أمام سعي حثيث لتطويق الدولة والدستور بفرض الرئاسة الثانية المفسّر الوحيد والأوحد للدستور وشلّ عمل أي حكومة ومنعها من وضع أي من قراراتها موضع التنفيذ في حال عدم توقيع الوزير الشيعي على أيّ من المراسيم الحكوميّة! وفيما تؤكد الرئاستيْن الأولى والثالثة عن المناصفة دائماً، يبدو كلّ حديث عن المناصفة التي أقرّها اتفاق الطائف هو حديث أجوف لأنّ السلوك التعسّفي لفرض التوقيع الشيعي هو محاولة مستميتة للوصول إلى المثالثة من دون ضجيج وصراعات، الأخطر ما هو وراء الستارة وغير المعلن، نحن ذاهبون باتجاه وضع اليد على الرئاسة الأولى، بعدما تم وضع اليد على الرئاسة الثالثة!

حتى اليوم نجحت الثنائيّة الشيعيّة بهدم الديمقراطية البرلمانية في لبنان بنقلنا إلى ما يسمّى «الديمقراكية التوافقيّة» التي فرضتها إيران في العراق، والثنائيّة الشيعيّة تريد فرض نفسها شريكاً ووصيّاً على الرئاسات الثلاث في لبنان، وللمناسبة التذكير هنا بإغلاق الرئاسة الثالثة مجلس النواب لعام ونصف في وجه النواب مجتمعين، وأسلوبها في توجيه ما يقارب الأربعين جلسة لانتخاب رئيس للبلاد بتفسير منفرد وشخصي من رئيسها يجب وضعه موضع التأمّل والتساؤل أيضاً…

لبنان على عتبة أزمة كبرى جديدة، وسيتم الرضوخ في نهايتها لما تريد الثنائية الشيعيّة تكريسه بالإكراه على اللبنانيّين، ما نحذّر منه اليوم هو أنّ هذا التعنّت الشيعي هو مقدمة للانقلاب على اتفاق الطائف من دون الحاجة إلى تعديله، ما هي الخطوة التالية لهذه الثنائيّة؟ هذا هو السؤال الذي على اللبنانيين طرحه على أنفسهم، مع يقيننا بأنّهم يعرفون إجابته ويرونهم رأي العين، نهاية هذه المثالثة المقنعة هي «وضع اليد كليّاً ونهائيّاً على لبنان وهويته وسياسته ودولته»!