IMLebanon

حوار الأيام الثلاثة

الى طاولة الحوار التقوا.

وبعدها وقبلها كان حوار ونقاش.

الا ان الحوار الابرز كان الاسبوع الفائت.

ذلك، ان الخناقة النيابية خطفت الاضواء، واستأثرت بالاهتمامات.

صحيح ان الخناقة بين السادة النواب، كانت أهم من الحوارات.

وأعطت انطباعات سلبية عن مستوى النظام، لكن للحوار قواعده، كما ان الانطباع السائد، يعطي علامة سيئة، عن المستويات النيابية.

واستدراكاً لما جرى كان على هامش الجلسة، توقيف لناشط بيئي، بين وزارتي الاعلام والداخلية.

ثمة سؤال أساسي: لماذا يخالف المواطن القانون؟

ولماذا يقترف رجل الامن مخالفة القانون؟

ولماذا لا يتحرك الجميع مسؤولين ومواطنين تحت سقف القانون؟

لو فعلوا ذلك، لكان اللبنانيون جميعاً تحت شمسية واقية لحرارة الشمس، او لرذاذ المطر، ولكانت الدولة سلطة للجميع، لا تتسلط على أحد، ولا يجتاحها احد.

هذه هي الديمقراطية.

وهذه هي حدود اللعبة السياسية.

هل ما يجري في البلاد مغاير لهذا الواقع.

ربما نعم وربما لا.

في الاربعينات وما بعدها، كان ثمة نواب كبار، وجهابذة في السياسة، ويتخانقون تحت قبة البرلمان.

ويروى ان وزيراً سابقاً ونائباً مشهوداً له بزعامته، غضب في اثناء الحوار الصاخب مع زملائه في البرلمان، فما كان منه الا ان رشق نائباً آخر ب كباية ماء على مرأى من زملائه، والحادثة مرت من دون اعتذار.

والحادثة الأخيرة، شاهدها السادة النواب، وكأنها فاجعة سياسية، وقد شاهدوا النواب ينتابهم الغضب، ويهمّون بالتضارب.

صحيح ان الحياة النيابية ليست على ما يرام، لكن الصحيح ايضا ان البرلمان هو حصيلة ممارسة سياسية، لا مجرد مظهر من مظاهر الغضب السياسي.

***

المشكلة في لبنان، ان ثمة خلافاً سياسياً حيناً، وصراعاً شخصياً أحياناً. لكن الحكمة تقتضي الموضوعية.

لماذا تتعثّر التسويات.

ولماذا عجز السادة النواب، عن انتخاب رئيس جمهورية خلال تسعة وعشرين جلسة نيابية.

والجواب ان نواب ٨ آذار يريدون رئيسا قوياً، في مواقفه، صريحاً في توجهاته وان نواب ١٤ آذار يفضلونه حكيماً لا مواجهاً.

هل القصة هي قصة اختيار مجرد رئيس لا حول ولا قوة له.

أم قصة رئيس يتّكئ على مبادئ يذود عنها، ولا يتراجع.

هل المطلوب عدم تكرار زعامات ذات قامة سياسية عالية، مثل الرؤساء بشارة الخوري، واميل اده، وكميل شمعون وفؤاد شهاب وسليمان فرنجيه.

أم المرغوب فيه الآن، رجال من أمثال شارل حلو، والياس الهراوي وميشال سليمان.

في خضمّ الحوار، يبرز وزراء وصلوا الى مواقعهم لأسباب شخصية. بعضهم اهتدى الى مركزه تزكية لمواقف وبعضهم الآخر مكافأة لمناصرتهم لحاكم أو مسؤول.

وهذا ما يجعل السادة رؤساء الكتل الذين جمعهم الرئيس بري الى طاولة الحوار. يؤثرون ما يحرر البلاد من الوصايات. ويقرّبهم من أن يكونوا أوصياء على أنفسهم لا على الوطن.

طبعاً، ان الأمور ليست سهلة.

إلاّ أن التجارب، لا بد من أن تصقل المواهب والمعلومات في قوالب متحررة من القيود، وحرّة من أي غاية.

هل تخرج طاولة الحوار بما يعلقه عليها الرئيس نبيه بري من آمال.

ليست الأمور سهلة، لكنها ليست مستحيلة.

والمستحيل صعب ومعقّد.

إلاّ أن الخردقة في المواقف ليست هي الرابح في كل زمان ومكان!!

انها معضلة الحوار الثلاثي.