اختصر بالأمس ناشر موقع «ليبانون فايلز» الأستاذ ربيع الهبر بتغريدة عبر تويتر الواقع اللبناني المخيف، وذيّل تغريدته بهاشتاغ -خايف علبنان-، وبدقّة شديدة حبس موجبات أن يبجّ البلد من «شرقوطة» ما بسبعِ عناصر قابل كلّ واحدٍ منها منفرداً أن يودي بالبلد وأهله، والرّجلُ صادقٌ فيما قال «تعثر التدقيق الجنائي، فتح ملفات الفساد من قبل الاعلام من دون اي ردة فعل، انهيار سعر الصرف والازمة الاقتصادية، التعثر الحكومي، العقوبات الاخيرة على السياسيين اللبنانيين، ومصير الثورة، وضع المنطقة المتفجر وسط خلافات داخلية سياسية قوية وكبيرة، بخلي البلد ينطر شرقوطة ليبج خايف علبنان».
نحن أيضاً «خائفون علبنان» ولكن ما باليد حيلة، من المؤسف أنّ «كلّ يُغنّي على ليلاه» ويخدع الناس المجتمعون في لبنان والذين لم يرتقوا إلى صفة مواطنون، دفع الضرائب وثمن الماء والكهرباء وخدمات الدولة الأخرى لا يجعل من اللبناني مواطن، وكلّ هذه الخدمات لا تجعل «بلا زغرة» من «الدكّانة» التي نعيش فيها دولة!! حتى هؤلاء الذين هم قائمون على الرئاسات المتقاسمة طائفيّاً ليسوا مسؤولين لأنّ كلّ واحد منهم يقترف ما يقترفه من دون أدنى خشية من المحاسبة، وجميعهم يضحكون عبى اللبنانيّين ويخدعونهم بالترويج لفكرة أنّهم كلّ واحد منهم يريد إنقاذ لبنان والكارثة أنّ كلّ واحد منهم نراه يدّعي أنّه يقوم بذلك منفرداً ويتّهم الآخرين بعرقلة مهمّته الإنقاذية!!
رأس الجمهوريّة والرئاسة الأولى خرج علينا ليلة الاستقلال خاطبنا فقال كلاماً عامّاً لا يوصّل إلى مكان، واللبنانيّون يعرفون أنّه منذ حقّق حلمه بالعودة إلى قصر بعبدا ـ وهذه كانت قضيته منذ العام 1988 ـ أدّى قسطه للعُلا وجاء دور صهر العهد ليؤمّن وراثة العمّ الذي ليس لديه ابنٌ يرثه… أمّا رأس الرئاسة الثانية فقد «هرى» أربع رؤساء جمهوريّة تعاقبوا على الرئاسة، هذا من دون حسبان فترات الفراغ والتعطيل ويتحدّث عن المداورة في الوزارات باستثناء وزارة الماليّة التي تحوّل الاستثناء فيها إلى أزمة عطّلت تشكيل الحكومة، ويبقى أنّ أهمّ مسؤولياته السياسيّة أن يلوّح بالعصى كلّما استدعت الحاجة للمسيحيين، أيام الاحتلال السوري كانت تقتضي الحاجة إلى التلويح بعنوان «إلغاء الطائفيّة السياسيّة»، بالأمس اقتضت الحاجة أن يلوّح بعصا قانون انتخاب لبنان دائرة واحدة، وهذا مدعاة لتخويف كلّ الطوائف من الطائفة الشيعيّة التي تملك ترسانة صواريخ وأي إنتخابات من دون وضع نهاية لسلاح حزب الله وتمويله الإيراني تعني تخلّص الثنائيّة الشيعيّة بهكذا قانون إنتخابي من سياسة التعطيل والوصول إلى التحكّم بالسلطات كلّها وتغيير النظام لاحقاً بما يناسب الطائفة واقتطاعها لمناصب الدولة في الفئة الأولى وما دونها.
أما رأس الرئاسة الثالثة فلا يزال غير قادر على تحقيق إعلان مهمّته «إنقاذ لبنان» فالتعطيل سيّد الموقف، والكلّ يملك حقّ التعطيل ما دام يريد حصته الحكوميّة، وهذا حقّ الطوائف، وهو عندما تنازل للثنائية الشيعيّة عن وزارة المال، سلّم جميع الطوائف حقّ مطالبته بحقوقها، والثنائيّة الشيعيّة التي تريد تسمية وزرائها تكرّس حقّ الآخرين بتسمية وزرائهم، وللمناسبة شهد لبنان كثيراً استقالة وزراء نزولاً عند رغبة طوائفهم بعدما تمّت تسميتهم وزراء في ملتبسة أيام الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وهنا علينا التذكير بأنّ الجيش اللبناني لم ينقسم وينشق عنه لواء إلا في العام 1984 عندما أفتت الطائفة الشيعيّة بضرورة انسحاب ضباطها وجنودها من الجيش، فانسحبت منه طائفة بأكملها، وكاد هكذا مشهد أن يُستعاد عندما انتفض الضباط السُنّة اعتراضاً على حياد الجيش في 7 أيار وتركه حزب الله يستبيح بيروت…
للمناسبة، الرؤساء الثلاثة لا يملك أي واحد منهم خطّة لإنقاذ لبنان ولا خارطة طريق، الثلاثة قضيتهم الأولى والأخيرة كانت الوصول إلى مناصبهم والآن قضيتهم البقاء فيها، علينا الإعتراف أننا دولة منذ قيامها دولة طائفيّة وأنّها منذ استقلالها تمّ تخريجها بصيغة وتوزيع طائفيّ متّفق عليه «عرفاً» وليس نصّاً، وللمناسبة هذا واحدٌ من فتائل تفجير البلد مرّة ثانية بحرب أهلية مخيفة، في الأولى عام 1975 رغب كمال جنبلاط ممثّل الأقليّة الدرزيّة أن ينتزع مقعد رئيس الحكومة السُنّي ممثل أكبر طائفة في البلد تحت ستار علمنة الدولة مستعيناً على تنفيذ طموحه بالميليشيات الفلسطينيّة التي استخدمته لتنفيذ طموحها في الحصول على الوطن البديل، كانت القيادات الفلسطينيّة تردد دون خجل بأنّها حتّى وإن استعادت فلسطين فلن تترك لبنان!!
نفس الكارثة يعاد تحضيرها اليوم على يد «الثنائيّة الشيعيّة» تريد أن تسيطر على البلد بأكمله بمعنى أوضح «إحتلاله»، نعم «خائفون علبنان»، وللمناسبة أقل من شرقوطة وسيبجّ البلد في وجه الجميع، وهم مستمرّون في الكذب على الناس الذين لم يبلغوا مرحلة المواطنة!
ميرفت سيوفي