بعدما خرج من البيت الأبيض عقب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي رونالد ريغان، قام أصدقاء جون بولتون بإهدائه قنبلة يدوية فارغة من البارود كرمز للسلاح الذي هدد بإلقائه على خصومه في كل مكان.
وظلت تلك القنبلة موضوعة فوق مكتبه الخاص إلى أن اختاره الرئيس رونالد ترامب مستشاراً للأمن القومي خلفاً للجنرال ماك ماستر.
في التاسع من نيسان (أبريل) الجاري، باشر بولتون مهمته كمهندس لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي. واستناداً إلى مواقفه السابقة، يتوقّع المراقبون موافقته على تهديد ترامب بضرورة إلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرمه سلفه باراك أوباما عام 2015. أي الاتفاق الذي وصفه ترامب «بالعيب الجسيم» الذي يسمح لإيران بإكمال برنامجها الصاروخي وتدخّلاتها الإقليمية.
في المقابل، توعّد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي برد صاعق ضد كل من يعمل على تقويض الاتفاق، ووصف ترامب بأنه رجل أعمال يسعى إلى إدخال علم التجارة في علم السياسة. وعليه، ناشد مواطنيه بضرورة دعم الوحدة الوطنية، خصوصاً خلال الأشهر الأربعة المقبلة لأنها تعتبر أشهر الامتحان العسير.
ويتبين في هذا السياق أن ترامب يمر أيضاً خلال هذه الأشهر بأسوأ الظروف حرجاً وتعقيداً. والسبب، كما ذكره المحللون، يعود إلى ورطته مع زعيم كوريا الشمالية «كيم جونغ أون» الذي وعد بلقائه بعد سلسلة ملاسنات علنية لم يسبق لأي رئيس أميركي أن انحدر إلى مستواها.
وكان من المتوقع أن تقود حملة التصعيد التي افتتحها الرئيس الأميركي، إلى مزيد من التوتر والحرج، خصوصاً بعدما وصف كيم في خطاب ألقاه من فوق منبر الأمم المتحدة «بالمجنون… ورجل الصواريخ». ثم هدده في مناسبة أخرى بتدمير بلاده ومحوها عن وجه الأرض؟
وردّ عليه الزعيم الكوري بلهجة تحمل جميع معاني التهديد والوعيد، واصفاً إياه «بالكلب المسعور».
وعلى الرغم من حدة التلاسن، فقد أعرب كيم عن استعداده للقاء ترامب بغرض إقناعه برفع العقوبات وسحب قواته من كوريا الجنوبية، والتعهُّد بعدم التآمر ضد نظامه.
ويتوقع المراقبون الفشل لقمة ليس للفريقين مصلحة في تطبيق شروطها الصعبة.
وفي الولايات المتحدة، يدّعي زعماء الحزب الديموقراطي أن الحملات السياسية والإعلامية التي تحاصر سيد البيت الأبيض، لن تحصّنه بالدفاعات المحلية اللازمة. وهي دفاعات مطلوبة لمواجهة زعيم شاب (35 سنة) يملك ترسانة رهيبة من الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات.
وبين تلك الحملات، ما يركّز على الفضائح الجنسية التي ارتكبها ترامب قبل حملته الانتخابية. وكانت بطلة الفضيحة ممثلة إباحية تدعى ستورمي دانيلز، ادعت أنها كانت على علاقة غرامية مع الرئيس الأميركي عام 2006. كذلك ظهرت على شاشات التلفزيونات لتؤكد أنها تلقت 130 ألف دولار ثمن سكوتها. وذكرت في شهادتها أن محامي ترامب هو الذي دفع المبلغ باسم شركة وهمية.
ولما سئلت عما إذا كان المحامي مايكل كوهين قد هددها، أجابت بأنه «سألني مرة ما إذا كانت الطفلة التي أحملها هي ابنتي. ولما أجبته بالإيجاب، رأيته يهز رأسه، ويقول: أليس من المؤسف أن تفقد هذه الطفلة والدتها؟!».
المرأة الأخرى التي تحدثت عن علاقتها الجنسية بترامب على صفحات مجلة «بلاي بوي»، كانت كارين ماكدوغال. وهي الأخرى تعرّضت للتهديد والوعيد بعد ظهورها على قناة «سي أن أن» لتجيب عن أسئلة مقدّم البرنامج أندرسون كوبر حول علاقتها بالرئيس الأميركي.
قبل أسبوعين، صدر في فرنسا وبلجيكا كتاب ساخر يتضمن أشهر مئة تغريدة للرئيس دونالد ترامب. ويقدّم الكتاب صوراً كاريكاتورية اشترك في رسمها مؤلف القصص المصوّرة فرنسوا بوك والكاتبة فانيسا دوامل.
وفي المقدمة، كتب فرنسوا يقول أن ترامب يملك بحسه الفكاهي ومظهره الشبيه بمظهر مهرّجي السيرك جميع خصائص شخصيات القصص المصوّرة.
مجلة «بلاي بوي» ادعت أن مبيعاتها ارتفعت بعدما نشرت نصاً يتعلق بالأداء المضحك الذي قدّمه ترامب خلال حملته الانتخابية. واختارت المجلة حلقة ضمت شخصيات من الحزب الجمهوري التي تنافست على الزعامة مثل تيد كروز وماركو روبيو وجون كابسيك ودونالد ترامب.
وذكرت المجلة نقلاً عن «محطة فوكس» واحدة من المناظرات القذرة التي فاخر فيها ترامب بسلامة أعضاء جسده، وبحجم عضوه الذكري. والمؤسف أن زوجته ميلانيا ردت على منتقديه بالادعاء أن كل ما قاله كان أمراً عظيماً ورائعاً.
قبل اجتماعه بزعيم كوريا الشمالية، فاجأ ترامب جنرالات جيشه بالإعلان عن انسحاب وشيك لقواته من سورية. وقال في مؤتمر صحافي أن أميركا قررت التخلي عن حضورها في سورية، مع التنازل عن مشكلاتها ومتاعبها إلى روسيا وإيران.
ولقد اضطر «البنتاغون» لتصحيح الموقف المرتجل الذي تلقّفه مدير هيئة الأركان المشتركة الجنرال كينيث مكينزي، وعرضه بطريقة مختلفة. قال أن بقاء قواته مرتبط باستمرار المواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ويستنتج من هذه الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد تعدل رأيها ما دامت الدولة السورية لم تُحكم سيطرتها على البلاد.
وردت القوات النظامية السورية على هذا التشكيك بالادعاء أنها نظفت الغوطة الشرقية من آخر الجيوب التي تسيطر عليها المعارضة، وأجبرت مقاتلي «جيش الإسلام» على إخراج مسلحيه إلى مدينة جرابلس شمال سورية، وكانت هذه التسوية جزءاً من تسوية واسعة شملت تسليم الأسلحة الثقيلة مقابل إطلاق سراح المختطفين.
كذلك اتبعت القوات النظامية التي زارها بشار الأسد مهنئاً، هذه التسوية، بإعطاء المغادرين من «دوما» مهلة ستة أشهر قبل استدعائهم لأداء خدمة التجنيد الإجباري.
ونزولاً عند رغبة القيادة الروسية، يمكن للجيش النظام السوري أن يعيد تنظيم صفوفه على شكل التنظيم الذي اتبع لإعادة تشكيل الجيش اللبناني. أي من الميليشيات التي أطلقها رامي مخلوف، زائد الميليشيات المعارضة التي اعترفت بهزيمتها وقررت الالتحاق بالقوات النظامية.
وسط الاحتفالات التي أحياها مقاتلو النظام بفرصة السيطرة على 95 في من المئة من الغوطة التي شكّلت لسنوات معقلاً لفصائل المعارضة… فوجئ المجتمع الدولي باتهام دمشق باستخدام أسلحة كيماوية في «دوما».
وقبل أن ينبري الوكيل الروسي للدفاع عن بشار الأسد، دعت تسع دول إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن تحدث خلاله سفراء الدول الأوروبية الكبرى حول الأسلحة المحرّمة التي يستعملها النظام ضد خصومه. وكانت شاشات التلفزيونات على مختلف المستويات تبث صور الأطفال وهم يختنقون من تنفس الهواء المشبع بسموم الكيماوي.
قبل انعقاد مجلس الأمن، أعلن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أن العسكريين حذّروا مسبقاً من استفزاز كبير يحضّر له في سورية باستعمال أسلحة كيماوية بهدف اتهام سورية في ما بعد. وبما أن موسكو تعهّدت للأسرة الدولية بمنع نظام الأسد من استخدام هذه المادة السامة والمحظورة دولياً، فإن واشنطن سارعت إلى اتهامها بنقض وعدها. كما قادت في الوقت ذاته، تحرّكاً دولياً ضد سورية وروسيا، مطالبة بمحاكمة الأسد وضباطه.
الرئيس فلاديمير بوتين سارع إلى الاتصال بالمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، مطالباً بتحقيق عادل تقوم به منظمات محايدة كالصليب الأحمر الدولي. وأبلغها أنه أرسل عسكريين إلى مكان الحادث، فلم يعثروا على أي مادة كيماوية استُعملت ضد المدنيين.
وطلب بوتين من مركل استعمال المنطق لتتأكد أن بشار الأسد المنتصر على خصومه، ليست له مصلحة في الإساءة إلى انتصاره.
وفي تصور الوزير الروسي لافروف، فإن الدول الغربية حريصة على تشويه سمعة الأسد قبل استعادة كامل الأراضي، بغرض إقصائه عن الحكم بحجّة استخدام السلاح الكيماوي لمرات عدة. وفي حال حققت هذا الهدف، تكون قد نجحت في كسر الحلقة المركزية التي تستخدمها روسيا وإيران من أجل لملمة شظايا السيادة السورية بوساطة بشار الأسد. وإذا قيّض لها النجاح في هذه الخطة، تكون قد عبّدت الطريق لتمديد الحرب الأهلية السورية بضع سنوات إضافية!