ليس في يوم أو يومين، ستنجلي كل ملابسات العسكريين التسعة الذين خُطفوا في الثاني من آب 2014 وكُشف مصيرهم في 28 آب 2017. ثلاثة أعوام وثلاثة أسابيع، وبقيت هذه القضية نقطة سوداء في سجل السلطة التنفيذية التي كانت تتولى إدارة البلد عند اختطافهم، وهذه السلطة كانت ممثلة بحكومة الرئيس تمام سلام.
اليوم يجدر التحقيق في ما جرى:
كيف تم خطف العسكريين؟
مَن هي الجهة الخاطفة المسؤولة عن الخطف؟
أين أمضوا الأعوام الثلاثة؟
كيف تمت عملية تصفيتهم؟
ومَن هم المسؤولون مباشرة عن هذه العملية؟
كل هذه الأمور يجب أن تتجلى ليكون بالإمكان طي صفحة من كتاب الإرهاب الذي ما زال مفتوحاً على مصراعيه، ولأنَّ الأمور يجب أن تقال من دون مواربة، فإنَّ لبنان ما زال تحت تأثير الإرهاب سواء في بعض المخيمات الفلسطينية أو في بعض مخيمات النازحين السوريين، ومعالجة هذا الأمر يجب أن تكون في عهدة الجيش اللبناني، من خلال عملية مسح شاملة لهذه المخيمات.
في سياق هذه العملية يكون لبنان، عبر المؤسسة العسكرية يحصِّن نفسه في مواجهة الإرهاب واحتمالات تمدده مجدداً.
لكن تحصين الوضع لا يكون من خلال المؤسسة العسكرية فقط، بل من خلال قرارات للحكومة اللبنانية تكون واضحة وشفافة وتتمتَّع بصفة الديمومة والإستمرارية.
كما هناك الإتصالات الخارجية مع عواصم القرار لتحصين الوضع اللبناني، وبالإمكان اعتبار أنَّ شهر أيلول هو بدء عملية التحصين هذه، والباكورة ستكون من خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لباريس غداً، وبعد غد الجمعة وهو اليوم الذي سيستقبل فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الرئيس الحريري في الثامنة والنصف صباحاً. لقاءات الرئيس الحريري في باريس لن تقتصر على الرئيس الفرنسي، بل هو سيلتقي نظيرَه الفرنسي إدوار فيليب، ووزير الخارجية جان إيف لودريان، ووزيرةَ الدفاع فلورانس بارلي ووزيرَ الإقتصاد ميشال سابان ورئيسَ مجلس الشيوخ جيرار لارشيه.
لقاءات حافلة من دون شك، وهي تأتي بعد التطورات الكبيرة والإنتصارات الكبيرة للبنان على التنظيم الإرهابي داعش. يحمل الرئيس الحريري في يده ورقة الإنتصارات على داعش، ويكاد لبنان أن يكون البلد الوحيد في العالم الذي حقق هذا الإنتصار، وسيفهم الأوروبيون جيداً حقيقة ما سيقوله الرئيس الحريري في الإنتصار على الإرهاب، فالأوروبيون يفهمون معنى الإنتصار على الإرهاب لأنهم عانوا الأمرَّين من أهواله وفظائعه، إذ إنّ عمليات الدهس بالشاحنات تنقَّلت من جنوب فرنسا، الصيف الماضي، إلى اسبانيا هذا الصيف مروراً بالمانيا وبلجيكا. وحين سيطلب الرئيس الحريري المساعدات للجيش اللبنانني ولسائر القوى الأمنية، فإنَّ عواصم القرار ستتفهم هذه المطالب وسيكون تجاوبها سريعاً معها.
الأمر عينه من الإهتمام سيكون في موسكو في الزيارة التي يعتزم القيام بها في 11 أيلول المقبل، وهذه الزيارة ستكون أيضاً على جانب كبير من الأهمية، لما لموسكو من دور فعَّال في المنطقة والعالم وفي الأزمة السورية تحديداً، وسيلتقي نظيره الروسي ديمتري مدفيديف، كما سيكون له لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
صحيحٌ أنَّه لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، لكنَّ المتابعة الحثيثة تعطي مفاعيل الجلسة، والرهان الأساسي على العمل اليومي الحثيث والمتواصل وغير المنقطع لاجتثاث جذور الإرهاب.