IMLebanon

حتى الساعة…

لم تتغيّر السياسة الفرنسيّة تجاه لبنان، على امتداد عمر الاستقلال، وعمر الازدهار، وعمر الحروب والأزمات. إلى اليوم، إلى هذه الساعة يواظب قصر الإليزيه على تخصيص كرسيّ في صدارة صالونه الكبير لهذا اللبنان الذي معظم بلواه منه وفيه. تماماً كدود الخلّ.

في ما مضى من السنين والعهود كان لبنان يتكئ على هذه “البنود” الخاصة في العلاقة المتينة مع الأم الحنون.

لطالما اعتبرت بيروت، وخصوصاً في محنها وأزماتها المتتالية، أن ظهر لبنان ليس مكشوفاً خارجيّاً وداخليّاً ما بقيت عين باريس على لبنان بكل جغرافيّته وتركيبته. فيما اعتادت المملكة العربيّة السعوديّة أن تكون هي الجدار العربي الذي يحفظ البيت اللبناني، والعائلة اللبنانيّة، من خلافات الغيرة، ونميمة الحسّاد، وغدرات الزمان مع “غدرات” بعض بنيه وأشقائه.

تغيّر العالم. تغيّرت سياسات الدول العظمى واهتماماتها. تغيّر مضمون العلاقات و”مفهوم” الصداقات. حلّت المصلحة في المرتبة الأولى، والمرتبة الثانية، والمرتبة الثالثة. لم يبق للعلاقات الخاصّة، مهما كانت عميقة الجذور، مكانٌ بارز. أو مكانة مرموقة يُنظر إليها على أنها من الأولويّات.

ويعود “الفضل” في هذا “التجديد” إلى أميركا، التي رفعت شعار المصلحة فوق كل شعار آخر، حتى انتفخ حجمها إلى درجة تقدّمت فيها على كل شعار أو مبدأ آخر.

ولم يقتصر هذا “التغيير” الكاسح على الأميركيّين وحدهم، بل جرف في طريقه، وبأسلوب الكاوبوي ذاته، أربعة أرباع العالم. حتى غدت المصلحة هي البند الأوّل في القيم…

اللبنانيّون الذين لا يزالون يعتمدون على “حنان” باريس وأصالة الرياض في المحن والشدائد، هم الذين تغيّروا لناحية الوفاء، والولاء، ومَنْ سخّرك ميلاً فاذهب معه اثنين. باتوا يتنافسون بشراسة على الخضوع والامتثال لكلّ فاتح، لكل غازْ، لكلّ وصيّ، لكل ممتلئ وذي سطوة، ولوصيّة كل مَنْ أخذ أمي صار عمّي، ولكل مَنْ “دعمهم” لبلوغ منصب أو التربّع على كرسي، ولو من خشب مسوّس. وحتى الساعة…

المهمّ الآن أن الرئيس فرنسوا هولاند سيزورنا قريباً، حاملاً معه كالعادة باقة من الدعم لهذا البلد اليتيم، مع وعود بالبقاء إلى جانبكم إلى أن تتحقّق أمنية انتخاب رئيس جديد. وإذا قال رئيس فرنسا فصدّقوه، لأنه لا يشبه الأميركي الذي يعدك مساء لتجده صباحاً قد ولّى الأدبار.

لذا نصدّق حين يُقال لنا إن الملف الرئاسي قد يشهد دفعاً في إطار اجتماع مجموعة الدعم الدوليّة من أجل لبنان في نيويورك في نهاية أيلول. وسيكون هناك الرئيس هولاند والرئيس تمام سلام في حضور وباشتراك وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى جانب وزراء آخرين. وهنا أيضاً لا بدّ من الانتظار.