تسير العقوبات الأميركية المرتقبة في حق حزب الله، على وقع معركة عرسال، التي جاء كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، عنها بمثابة بداية العد العكسي لإنطلاقها خصوصاً أن السيطرة على هذا «الجيب» الذي يضم كل من «داعش» و«النصرة»، وغير فصائل معارضة، من شأنه أن ينهي جبهتين في الوقت ذاته، إحداها يقودها حزب الله، فيما الثانية، يقودها الجيش السوري، وتؤدي السيطرة على هذه البقعة وتطهيرها، الى الإنتهاء من المخاطر التي تنتج عنها ومن التهديدات الدائمة للتسلل في اتجاه خلفية دمشق او الداخل اللبناني، وتؤمن في الوقت ذاته تقليص العديد العسكري لكل من حزب الله، والجيش السوري للتفرغ الى محاور اخرى فيما الجيش اللبناني يتواجد على جبهة مواجهة لهؤلاء في المنطقة التي تسيطر عليها «جبهة النصرة»، سيكون في موقع المتصدي اذا ما عمدوا لاختراق جبهته للتواصل مع مخيمات الداخل، فالمعارك عندها ستكون جد قاسية لأن لا تسوية ولا تفاهمات مع «داعش»، بل قرار دولي، إقليمي، محلي بالقضاء عليها. فيما الوقت الفاصل عن بداية المعركة قد يحمل تسويات مع مجموعات أخرى، على ما حصل سابقاً بين حزب الله والفصائل السورية المعارضة، ومن بينها «جبهة النصرة».
ويكمن الرابط في التوقيت بين العقوبات الاميركية، وبين القضاء على هذه البقعة الإرهابية، وفق المعطيات التي ترشح عن الجانب الأميركي، الذي يبدي إهتماماً بهذه الجبهة، على ما دلت الزيارات العسكرية الأميركية الى لبنان، هو أن الإدارة الأميركية تعلم جيداً وفق التقارير التي رفعت إليها، بأن القضاء على المنظمات الإرهابية في جرود عرسال، في حاجة الى حزب الله دون أن يعني ذلك أن واشنطن متناغمة او داعمة لهذا الواقع، نظراً لموقفها الاستراتيجي المعادي من حزب الله.
إذاً، تقول المعطيات بأن الجانب الأميركي سيباشر العقوبات في حق حزب الله وحلفائه، بعد إنتهاء معركة عرسال، وسيدخل لبنان في مرحلة شبيهة بالتي شهدتها إيران، اثر الإجراءات المكثفة التي إتخذت في حقها، لإجبارها يومها على التراجع عن طموحاتها النووية.
فالعقوبات لتي تود إدارة ترامب وضعها على لبنان بهدف إصابة حزب الله، تهدف لتحديد الغاية ذاتها التي شهدتها إيران، حيث أرخت عندها هذه الإجراءات المالية بثقلها على المجتمع الإيراني الذي أرهقته، وبات يئن تحت وقعها الى حد ولادة بشائر إعتراض داخلية على ممارسات السلطة الإيرانية حينها.
ولذلك فإن واشنطن تهدف لأن تدفع العقوبات على حزب الله،الى «كربجة» لبنان الى حد دفع عدد من القوى السياسية، والشعب اللبناني للضغط على حزب الله، للتعاون مع المطالب الغربية للحد من هذه الإجراءات التي سترهق الإقتصاد، وتنعكس سلباً على الواقع اللبناني على أكثر من صعيد.
لكن ماذا بإستطاعة الوفد اللبناني الذي يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن ان يحقق لا سيما ان الرئيس دونالد ترامب لم يخفِ موقفه المباشر من اداء حزب الله؟
يدور الكلام في هذا المجال، بأن الحريري سيطلب من الإدارة الأميركية ومسؤوليها على كافة المستويات عدم تحميل لبنان ككل وزر العقوبات على حزب الله، وكذلك سيطالب بعدم إنسحاب العقوبات الأميركية على حلفاء حزب الله من رسميين وسياسيين، لعدم جعل لبنان في حالة إنقباض إقتصادي في وقت يتطلب الأمر نوعاً من الرخاء والإنفراجات.
الى ذلك فإن الحريري يحمل أربع مطالب لطرحها على الإدارة الأميركية، وهي:
أولاً: ألا تشمل العقوبات الدولة اللبنانية ككل، لعدم وضعها في موقع صعب في وقت لا تزال في غرفة الإنعاش.وحصرها الاجراءات اذا أمكن في اتجاه حزب الله وليس توسيعها في اتجاه القطاع المصرفي
ثانياً: عدم وقف المساعدات التي تقدمها واشنطن للجيش اللبناني، منذ أن دخل على خط مواجهة الإرهابيين مؤخراً، وذلك لكي لا يشمل قرار تقليص الموازنة الأميركية العسكرية لهذه المساعدات التي لا يزال الجيش بحاجة لها الآن ولاحقاً، إن تم القضاء على «داعش» في جرود عرسال.
ثالثاً: مساعدة لبنان فيما يخص موضوع النازحين، وتأمين الدعم المادي من خلال المؤسسات الدولية ام عبر جهات عدّة. لان الدولة اللبنانية لا تستطيع تحمل مترتبات هذا الوجود الكثيف.
رابعاً: الطلب من الإدارة الأميركية تزويد الجيش اللبناني بأسلحة وعتاد، تمكنه أن يكون جيشاً رادعاً، وليس هجومياً، وذلك لأن الحريري يتوقع أن يفاتحه الجانب الأميركي بضرورة إنهاء دور حزب الله، فسيتسلح بهذا الطلب بأن لبنان في حاجة الى أسلحة تمكنه أن يردع أي تدخل، سواء كانت إسرائيل أو سوريا، لأن ما يحصل عليه ليس سوى أسلحة متواضعة لا تمكنه من أن يفرض ذاته على حساب حزب الله.
وفي السياق ذاته تحدثت اوساط مواكبة لأداء الادارة الاميركية بان الاخيرة في حالة استماع حاليا ولن تتفاعل مع المطالب اللبنانية ذات الصلة بتخفيف حجم العقوبات على حزب الله لكي لا تصيب لبنان ككل، لان ترامب رسم سياسته التي تضمنت موقفه من حزب الله ولان ثمة منطقاً لدى محيطيه بان على اللبنانيين ان يضبطوا حجم ودور هذا الحزب وأدائه بعد ان تصبح العقوبات أمرا واقعا وموجعا يدفع اركان السلطة واللبنانيين للاعتراض على ممارساته على اكثر من صعيد.