IMLebanon

قمة المصلحة الوطنية العليا؟!

 

عندما يقال قمة روحية يفهم السامع والقارئ انها عنوان لفشل سياسي عريض، وهذا من ضمن دلائل قمة بكركي التي فهمت المطلوب منها أكثر بكثير  مما فهم السياسيون المطلوب منه، قياساً على تطورات الداخل والخارج، التي يفهم منها ان السياسيين مقصرون أكثر من اللازم، كذلك فإن السياسيين في غير وارد التفاهم على ما ورد في بيان قمة بكركي بدليل الشكوى من تصرفهم، إلا ان يكون معنى سياسي لما أكدته القمة من دلائل لا مجال للقول عنها أنها وطنية، بقدر ما هي سياسية بامتياز خصوصاً ان ما تضمنه البيان الختامي للقمة قد حمل السياسيين مسؤولية لا بد من ان يقال عنها انها سبب كل علة!

إن القمة لم تعقد إلا بعدما تقاعس السياسيون عن القيام بالمطلوب منهم، لاسيما ان الامور السياسية بلغت ذروة الانهيار الوطني حيث عجز مجلس النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية، على رغم انقضاء أكثر من عشرة أشهر على الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، مع ما يعنيه ذلك من انهيار دستوري وقانوني قد حال دون انعقاد جلسة انتخابية واحدة تكفل انتخاب الرئيس، وهذا بدوره من ضمن اللعبة السياسية غير المفهومة في صلب ما هو مرجو، قبل ان تتطور الامور باتجاه تكريس الأمر الواقع؟؟

لذا يقال ان تكريس السلبية ومعها الشغور الرئاسي، أصبح من ضمن الهزال الذي تعيشه البلد قياساً على ما هو مرجو من مجلس النواب لاسيما ان اللعبة قد تحولت الى نوع من الغباء المصطنع، حيث يفتقد لبنان الى رئيس للجمهورية، فيما يعرف الجميع ان مجلس الوزراء قائم على «صوص ونقطة»، لأن الحكومة تحولت الى ما يشبه النزاع بين وزير ووزير طالما ان لا مجال أمام السلطة التنفيذية لأن تعمل بما يوحي الدستور والقوانين والاعراف.

وثمة من يتحدث في المقابل عن فكرة لتشريع الضرورة، وهذا بدوره من لا مجال لاعتماده، كي لا يشكل ذلك استفزازاً مذهبياً في وجه الطوائف المسيحية كافة لمجرد ان رئيس مجلس النواب الشيعي مالك زمام أمره مثل رئيس مجلس الوزراء السني، خصوصاً ان مجالات العمل بمنطوق الدستور يؤكد خطأ الممارسة، إضافة الى خطأ مقاربة الموضوع من جانبه السياسي والدستوري في آن، أضافة الى ذلك ان قرار السلطة لم يعد ممسوكاً من أي جهة رسمية، خصوصاً عندما يقال في أوساط سياسية ان لا مجال أمام انتخاب رئيس في ظل تأكيدات التمديد لمجلس النواب بما في ذلك التمديد لكبار القادة العسكريين والأمنيين!.

من هنا يستحيل القول اننا محكومون في سلطة تعرف ما تريده كما تعرف المطلوب منها، وإلا لن تكون دولة في ظل السلبية السياسية المتفاقمة، حيث لكل مزاجيته في حكم البلاد وفي القيام بواجباته، والا فإن التبشير بالأسوأ يصبح حالاً مفهومة، لاسيما ان مجالات اجراء انتخابات نيابية تكاد تصبح صفراً مربعاً، لأن كل انسان في السلطة يعمل ما يحقق من خلاله مصالحه السياسية والخاصة لأن قدرات الدولة من دون رئيس للجمهورية تصبح لا شيء بالنسبة الى من يريد ومن لا يريد الغاية المرجوة من الدولة!

السؤال المطروح: ماذا بوسع القمة الروحية ان تحققه في هذا الصدد، طالما ان الغياب في السلطة محكوم بمن ليس بوسعه ان يفعل شيئاً. وهذا محسوم من جهة اللعب على الألفاظ، كي لا نقول اللعب على البلد، ومن شأن ذلك نقل السلطة الى مجرد هواية سياسية لا مجال لأن تتكرس قانوناً، الا بعد فوات الأوان، وهذا بدوره من ضمن ما هو غير محسوم من وجهة نظر القادة الروحيين الذين يعرفون حدودهم ويتصرفون على هذا الأساس.

مشكور كل من ساهم في أعمال القمة الروحية، ومشكور كل من يعرف قدراته على حسم الاشكاليات السياسية الرافضة لمنطوق الدستور، كي لا يقال ان في البلد سلطة غير سلطة الدولة، والشيء بالشيء يذكر في مجال و«تناتش» السلطة بين مجلس نواب ممدد لنفسه وبين حكومة لا مجال لأن تمارس السلطة كي لا تنفجر من الداخل، حيث سبق التفاهم على مخاطر اللعبة دون حاجة الى دستور واصول، بعد طول «لا تفاهم سياسياً» كي لا يصل البلد الى «حكم الرعيان» الذي لا مجال أمام هؤلاء، لأن يحددوا مخاطر تجاوز الدستور الاعراف!

المهم ان القمة الروحية غير كل ما له علاقة بالسياسة، لأن اللعبة محصورة بأخلاقيات وطنية لا مجال لتجاوزها، أقله لأن الروحيين يحترمون أنفسهم بعكس السياسيين الذين يتلاعبون بكل شيء طالما بقيت أمورهم غير محكومة بأصول وقوانين ودستور، وهذا بدوره من ضمن اللعبة التي يعرف القادة الروحيون مخاطرها حيث لا مصلحة لهم في ذلك، باستثناء المصلحة الوطنية العليا التي لا بد وأن تأخذ في الاعتبار كل ما له علاقة بمصير الوطن؟؟