اختارت الصين مدينة هانغتشو لتستضيف فيها قمة العشرين الاقتصادية. وتم اختيار هانغتشو بعناية شديدة لأنها تعكس واقع الصين الحالي القديم المتجدد٬ فهي مدينة تاريخية قديمة ولكنها للزائرين في غاية الحداثة٬ تعكس ذلك عمائرها وأسواقها وفنادقها وطرقاتها ومطارها. هي أيضا قاعدة الاقتصاد الجديد في الصين ومقر الشركات الرقمية العملاقة مثل شركة «علي بابا» المعروفة٬ إحدى أهم شركات التسوق الإلكتروني في العالم اليوم.
ولكن قمة العشرين هذه تأتي اليوم لتعكس مكانة الصين المتعاظمة على الساحة الدولية.. هذه المكانة التي جاءت بقوة بعد الأزمة المالية العالمية الكبرى التي وقعت عام 2008 في قمة العشرين بواشنطن٬ ووقتها قدمت اقتراحات لتنشيط التجارة الدولية٬ وفي أبريل (نيسان) عام 2009 بلندن في الاجتماع التالي٬ ولكن اقتراحات الصين لم يتم التعامل معها بجدية من قبل المعسكر الغربي تحديًدا.
الصين حذرت من أن الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008 كانت تنذر بقوة لانهيار نظام العولمة الاقتصادي٬ ومن ثم بدأت الصراعات الجانبية في التشكل. فقوى الغرب اهتمت بدعم مجموعة السبعة وهي قلب الاقتصاد الغربي٬ فما كان من الصين إلا أن اهتمت بتشكيل تكتل اقتصادي جديد أطلق عليه اسم (البريكس) اختصاًرا للحروف الأولى من أسماء البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا والصين باللغة الإنجليزية. كذلك اهتمت الصين بتقوية علاقاتها باتحاد آسيان الاقتصادي وهو الذي يضم ماليزيا والفلبين وإندونيسيا وبروناي وسنغافورة وفيتنام ولاوس وتايلند وكمبوديا٬ ويضاف إلى تلك الدول٬ لكن بصفة ضيوف٬ كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
الصين لها أجندتها القوية في هذا المؤتمر٬ فهي تسعى لمقاومة الأسواق المغلقة التي يحدث فيها رفع للجمارك وحمايات للصناعات المحلية لأن ذلك سيكون مضًرا لها وضد الصالح العام للتجارة المفتوحة عموما. التحدي الأعظم الذي يواجه الصين اليوم هو أنها تستضيف مؤتمر العالم الاقتصادي الأهم في وضع تغير٬ ومنظومة العولمة التقليدية قد استنفدت غرضها وهي بحاجة ماسة لإعادة انطلاق وإعادة هيكلة من الأساس.
هناك أجندة عالمية جديدة بحاجة للإطلاق٬ خصوًصا في ظل منظومة جديدة للتعامل الإلكتروني٬ وهبوط أسعار النفط والسلع وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي٬ والصعود الكبير للتيارات الراديكالية المتطرفة عالمًيا. الصين مهتمة بالبحث عن عناصر جديدة لتشجيع النمو العالمي. هانغتشو مدينة ذات تسعة ملايين نسمة تنمو بنسبة تفوق على العشرة في المائة سنويا٬ وهي نسبة أكبر من نسبة الناتج القومي الصيني نفسها٬ التي تقل عن السبعة في المائة.
العالم يستمع بجدية للصين٬ وإن كانت هناك قوى مقاومة لذلك٬ مثل اليابان التي لديها حساسية بالغة الشدة لاتباع أي شيء له علاقة بالصين٬ والولايات المتحدة التي ترغب في البقاء في الصدارة الدولية.
اجتماع قمة العشرين تكمن أهميته فيما يدور خلف الكواليس بقدر أهم مما يدور أمام الكاميرات٬ ودعوة كثير من رؤساء الدول غير الأعضاء تؤكد أن الصين تنوي دعم توجهها بشكل أهم وأعمق وطويل الأجل.