IMLebanon

مآسي ادارة الأزمة واللاحل العسكري والسياسي

 

تعددت الاجتماعات والموضوع واحد: تكريس الأمر الواقع في سوريا. مؤتمر بروكسيل جمع مسؤولين من سبعين دولة للدوران حول عنوان مستقبل سوريا والمنطقة. باريس جمعت ممثلي سبع دول للبحث في احياء الجهود من اجل حل سياسي في سوريا. وموسكو ستجمع غدا وزراء الخارجية في روسيا وايران وتركيا لمناقشة الوضع في سوريا. وليس من المتوقع، برغم التركيز في بروكسيل على الحاجة الى حل سياسي يعالج اساس الازمة السورية، اعادة فتح الطريق المغلق الى جنيف. فلا شيء يوحي ان حرب سوريا اقتربت من نهاية وظيفتها المحلية والاقليمية والدولية. ولا أحد يجهل ان آخر ما في اهتمامات المستفيدين من توظيف الحرب هو ما يخسره السوريون من مقيمين ونازحين والمجتمعات المضيفة للاجئين في لبنان والاردن وتركيا.

ذلك ان الثابت، وسط المتغيرات منذ بداية الحرب، هو ان كل الكلام على الحل السياسي وكل الرهانات على الحل العسكري. لكن ما اكدته الوقائع والتجارب هو ان اغراء الخيار العسكري لا يقود الى حل عسكري، واستسهال الخيار السياسي لا يقود الى حل سياسي. ومن الوهم، مهما تكن نتائج هذه المعركة أو تلك، الرهان على حسم عسكري كامل في ظل الوجود العسكري المباشر على الارض لروسيا واميركا وايران وتركيا.

وما تأكد انه وهم هو الرهان على الانتقال الديمقراطي للسلطة، وسط صدام المصالح والمشاريع والمحاور في أكبر لعبة جيوسياسية.

ولا معنى لتبادل الاتهامات بين اميركا وروسيا بالعمل على تقسيم سوريا. فالتقاسم الجغرافي واقع بين الروس والاميركيين والايرانيين والاتراك. والدور المتروك للتنظيمات المسلحة على اختلاف انواعها ومواقعها هو دور الوكلاء للقوى الاقليمية والدولية. ولا مجال، حتى اشعار آخر، لأي تسوية سياسية. لا للتسوية على اساس بيان جنيف – ١ والقرار ٢٢٥٤، برغم انهما عنوان كل الاحاديث. ولا للتسوية بالمفهوم الروسي من ضمن رهان على تسويات اكبر خارج سوريا. ولا للتسوية بمفهوم النظام وحليفه الايراني بمعنى استسلام المعارضين وحصول بعضهم على مقاعد داخل السلطة.

واذا بقي طريق جنيف مغلقا، فان طريق استانة وسوتشي المفتوح لن يقود الى مكان. حتى ادارة الازمة التي كانت ولا تزال البديل من العجز المنظم عن حل الازمة الذي يعيد النازحين الى بلادهم ويبدأ اعادة الاعمار، فانها تأخذ اشكالا عدة من القتال والتحاور وخفض التصعيد. لا بل تبدو تمارين في العبث، لكن اضرارها كبيرة على سوريا ودول الجوار بما هو ابعد من المآسي الانسانية.