Site icon IMLebanon

مأساة الشعب اللبناني المسكين

 

مأساة شعبنا كبيرة ومتشعبة خاصة في الأشهر الحالية التي تتزامن مع الأحداث الجارية بين جزء من الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذه الأحداث زادتنا كباحثين قناعة أنّ هناك من يضمر سوءاً للقضية الفلسطينية والدليل الدمار الهائل التي تعرّضت له منطقة غزّة المحكومة من منظمة حماس، وإننا نتخوّف من هذه الأحداث وتكوّنت لدينا قناعة عميقة بأصالة الشعب الفلسطيني التوّاق إلى حقوقه والأصالة التي ينتمي إليها وثقة كبيرة بِحُسْن إستجابة المجتمع الدولي لحقوقه هذا إذا تُرِكَ لهذا الشعب الخيار السليم.

لماذا لا يُحرِّك المجتمع الدولي ساكناً لما يحصل في منطقة الشرق الأوسط. ولماذا لا يتم تبسيط هذه الأحداث؟ إنها منذ بدايتها معروفة الأهداف والنوايا، إنها تعدٍّ على السيادة الوطنية وعلى حقوق الشعوب، وإنها عملية إنحراف في موجبات العلوم السياسية  والقانون الدولي. لماذا لا يتم تحريك مجلس الأمن مانعاً الحرب في فلسطين ومانعاً في الوقت نفسه الحرب في لبنان؟ سؤال له جواب واحد: هناك من تعدّى على سيادة الدول العربية ونسج إتفاقات ثنائية تتعارض مع إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية وهي إتفاقية دولية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي وتبيّن الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، كما أتت على تحديد عدة مفاهيم كالحصانة الدبلوماسية وقطع العلاقات.

 

الجمهورية اللبنانية هي من أكثر الدول في المشرق المهدّدة بسيادتها وأهلها من خلال التمدُّدْ الإيراني المُخالف لأبسط قواعد القانون الدولي، فالجمهورية باتت أسيرة هذا التدخل وتدفع ثمناً باهظاً من أهلها ومالها وأرزاقها. وهي بالتالي تعاني من هذا التدخل وبالأخص في هذه المرحلة حيث باتت الساحة اللبنانية مهيّأة للمواجهة بالإنابة عن إيران. وقد إزداد الوضع في لبنان سوءاً بعد حرب السابع من أكتوبر حيث نشهد حرباً تشنّها إسرائيل في جنوب لبنان أحدثت دماراً وضعفاً في الإدارة السياسية ومن الواضح أن قرار السلم والحرب ليس في يد الجمهورية المشلّعة والجمهورية الفاقدة للسيادة الوطنية وللقرار الحر والجمهورية المعنونة بـ«الفراغ بإمتياز».

الجمهورية اللبنانية بشعبها ومؤسساتها الرسمية المدنية والعسكرية يُعانون مع ضعف مؤسساتي كبير، وخرق السيادة الوطنية والضعف وجماعة «الدكة الرخوة» شجّعوا وكلاء إيران في لبنان من السعي لتحقيق أهدافهم المتمثلة بضرب السيادة الوطنية وقيام الدويلة على حساب الدولة. إنّ المنطق العلمي للعلوم السياسية يُشير إلى أنه كلما ازدادت الفوضى في أي دولة زاد عدم الاستقرار وبالتطبيق على حالة لبنان فهناك تدخّل خارجي بشؤون لبنان ما يزيد عدم الاستقرار ويزيد المزيد من الصراعات على أرض الجنوب ومزيداً من الخراب، كما الغياب الكُلي والطوعي عن الجلوس على طاولة القرار ومن الطبيعي أن يجلس مفاوضًا من يُمسك بمفاصل الجمهورية المدنية والعسكرية، وحتما هو صاحب القرار في هذا المجال.

 

حالة التدخّل هذه تؤثر سلباً على واقع الشعب اللبناني المسكين فهو يُعاني الأمرّين وبات أسير هذه التدخلات التي أفرزت حرباً على أرضه ولا طاقة له على تحمّل تبعاتها. إننا من هذا المنطلق وكمركز أبحاث PEAC نطرح العديد من التساؤلات من أجل أي هدف هذا التدخّل؟ هل لمحاربة إسرائيل ورميها في البحر؟! على ما كان يُقال، وهل هذا التدخّل يحصل وفق خطة شاملة لإنقاذ الشعب الفلسطيني من حالة الأسر؟

إنّ هذا التدخّل في لبنان وتجيير الجنوب لإيصال الرسائل له معايير سياسية وقانونية وكلها معايير تستند إلى القانون الدولي والتي هي في مضمونها تخالف المبدأ السيادي للبنان وتضُّر بمصالحه ومصلحة شعبه. إنّ ما يحصل هو خرق للقانون وشعب لبنان لم يعُد بإستطاعته تحمّل هذا التدخّل… المطلوب قرار عربي – دولي يُحرِّر الشعبين اللبناني والفلسطيني.

* كاتب وباحث سياسي