Site icon IMLebanon

المواجهة الأولى مع “الثلاثي”

 

«الثلاثي» توصيف أطلقه محمد عبيد القيادي السابق في حركة «أمل» الذي انسحب الى معارضة شرسة للرئيس نبيه بري، مقترباً من «حزب الله»، ثم أعاد انتشاره مؤخراً، مبتعداً عن الحزب في سياسته الداخلية مسافة كافية، كان بنتيجتها ان خرج بهذه الحقيقة. إنهم ثلاثي وليسوا ثنائياً فقط، هم ثلاثي عون «أمل» و»حزب الله».

 

«حزب الله» هو ضابط الايقاع، اي ضابط الكل، والرئيس بري والنائب جبران باسيل لهما الهامش في المشاغبة وتبادل اللكمات لكن ليس الى درجة المس بالمسلمات، وأولى المسلمات أن يكونا في خدمة مشروع امساك القرار اللبناني، وان يتفرغا في الوقت نفسه لتحقيق المكاسب، «على مد عينك والنظر».

 

من المسلمات التي لا ولن يتهاون فيها الحزب، ركوب البوسطة، هي اياها التي شرح عنها باسيل لمناصريه، بوسطة التحالف في لوائح انتخابية واحدة مع حركة «أمل»، على ان ينزل الركاب منها عند انتهاء الرحلة. غير أن ما تعمد باسيل تجاهله على الرغم من الكثير من التضليل الذي مارسه لنفي تحالفه مع حركة «أمل»، أن الرحلة في البوسطة ستكون طويلة ومستدامة.

 

فالبوسطة تتسع للتفاهم على توزيع المقاعد النيابية بين أطراف الثلاثي، وتتسع ايضاً لتبادل الاصوات في انتخاب رئيس المجلس ونائبه، ويفترض ان تتسع لتسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة، كما في الاتفاق على تركيبة الحكومة، وتوزيع الوزارات، من مال وطاقة واتصالات، واذا ما ذهب الخيال بعيداً فإن طموح باسيل بمهاجمته الدائمة لبري، أن يمدد الاخير رحلة البوسطة الى الانتخابات الرئاسية، عندها سيخرج باسيل الى مناصريه مرة ثانية وسيشيد ببري صمام الامان والعيش المشترك.

 

بروفة التقاسم في رحلة البوسطة ستتجدد اليوم صباحاً، حيث من المتوقع تنفيذ الاتفاق بين بري وباسيل برعاية السائق «حزب الله»، بحيث ينتخب بري رئيساً بأصوات الثلاثي وبعض النواب الدائرين في فلكه، على أن ينتخب الياس بو صعب نائباً للرئيس، وبعدها تستكمل البوسطة طريقها الى محطة تسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة.

 

من هذا الواقع الدائم والذي يستعد مهندسوه لإبقائه قدراً مسلطاً على رقاب اللبنانيين، يمكن فهم أهمية ما سيقرره كل نائب فاز في مواجهة الثلاثي، سواء انتمى الى كتلة حزبية، ام سواء كان مستقلاً، والاهم اذا ما كان انتخب على قياس التغيير. فالمواجهة مع الثلاثي تبدأ بالتفاهم على «اللا» قبل الاستغراق في تفاصيل الاتفاق على «النعم».

 

أن تقول كتلة وازنة من النواب يفترض ان تتجاوز الـ 65 نائباً لا للتجديد للرئيس نبيه بري، بورقة بيضاء، فهذا سيعني مسماراً اضافياً في جسد المنظومة، وان يقول نواب من مشارب متعددة لا لإعادة انتاج صفقة الثلاثي في نيابة رئاسة المجلس، فهذا سيكون اضافة تتجاوز الاهمية الدستورية لهذا الموقع، الى اسقاط صفقة تمهد للمزيد من الصفقات.

 

سيشارك معظم النواب في جلسة اليوم، وسيكون التصويت بالورقة البيضاء، الناخب الاهم رفضاً لتجديد المنظومة. سيشاركون في انتخاب نائب رئيس للمجلس، ولا خيار الا قول «اللا» لمرشح الثلاثي، وهذا يعني حكماً، تجاوز كل الاعتبارات والتحفظات، والاعتراضات الشكلية، بإسقاط ورقة في صندوق الاقتراع، لمرشح تجتمع فيه مواصفات 17 تشرين. طبيب رائد في الخدمة العامة، مؤهل للعمل في الشأن العام بمفهوم السياسة الحديث، لا ينتمي الى الطبقة السياسية التقليدية، وفضلاً عن كل ذلك وهو الاهم، التزم ببيان ترشيحه، بما هو مطلوب من هذا الموقع، وما يفترض ان يؤديه لإصلاح في المجلس النيابي، والتزام القانون، والانتقال الى برلمان فعلي، لا يدار بتواطؤ عابر للمصالح، كما في السنوات الثلاثين الماضية، من دون مساءلة او محاسبة.