قبل أيام من بدء المناقشات في مجلس الأمن الدولي المقررة في 13 آب الحالي، حول تجديد مهمّة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل، انعقد الاجتماع الثلاثي في الناقورة أمس، بحضور ممثّلين عن الجانب اللبناني وقائد قوات اليونيفيل الجنرال ستيفانو ديل كول، وضباط من جيش العدو الإسرائيلي. وكعادته، أعاد العدوّ طرح جملة من المسائل التي يحاول منذ سنوات طويلة انتزاعها من لبنان، في ما يخصّ ترسيم الحدود في القطاع الشرقي من الجنوب وقرب مزارع شبعا، عارضاً عدداً مما يسمّيه «الخروقات» من قبل لبنان للخط الأزرق. وفي محاولات مكشوفة لتسجيل النقاط قبل موعد المناقشات في نيويورك، كرّر العدو أمس طرح مطالبته بـ«ترسيم الحدود» في منطقة الوزاني، مع تزايد الاهتمام المعادي في تلك البقعة، وتوسّع أعمال المتنزهات في الجانب اللبناني ومشهد الحياة الطبيعية الذي يعبّر عنه الجنوبيون واللبنانيون في زياراتهم المتزايدة لهذه المعالم السياحية.
إلّا أن فذلكات العدو، قابلها ضباط الجيش اللبناني بالأجوبة الحاسمة، برفض أي كلام عن الترسيم في الوزاني، طالما أن تلك البقعة هي جزء من الحدود المشتركة مع سوريا والجولان السوري المحتل، ليس مع فلسطين المحتلة. وأعاد ضبّاط الجيش المطالبة بالانسحاب الفوري من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر وسائر البقع المحتلة على طول الحدود مع فلسطين، ولا سيّما بقعة الـ B1 في رأس الناقورة، والتي سجّل الجانب اللبناني مطالعة خاصّة حولها.
وفيما بات العدوّ يسلّط الضوء على منطقة الوزاني، محاولاً اعتبار أي نشاط في الجهة اللبنانية خرقاً للخط الأزرق، مسجّلاً مجموعة منها، كما يحاول أن يرسي معادلة اعتبار اقتراب أي مدني من الحدود خرقاً، علمت «الأخبار» أن العدو يبيّت من هذه السياسة مأرباً آخر. إذ أن قرار العدو بناء جدار في مقابل مستوطنة المطلّة، يصطدم باضطرار العدو إلى قضم جزء من الأراضي اللبنانية والمناطق المسماة أممياً «متحفّظ عليها»، مع خشيته من الموقف اللبناني في هذه البقعة بالذات حيال أي خرق. ولذلك، تعتبر مصادر معنيّة أن محاولة العدو تجميع «خروقات» الوزاني هدفه المقايضة مع لبنان لاحقاً في خروقات ينوي ارتكابها مقابل المطلّة، الأمر الذي يضعه الجيش اللبناني في الحسبان ويواجهه بموقف حازم.
أمّا الهجوم الذي سجّله لبنان أمس، فتمثّل في تقديم رسالة إلى الأمم المتحدة في الاجتماع الثلاثي، مدعّماً بالصور الأرضية والجويّة، لتجاوز السياج التقني في منطقة رأس الناقورة للخط الأرزق بأكثر من عمق خمسين متراً، ما يعني قضم العدوّ أقل من 2000 متر مربّع بقليل من الأرض اللبنانية تضاف إلى منطقة «التحفّظ»، مع ما يعنيه الأمر من تأثير على الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. وطالب الجيش باعتبار احتلال الـ B1 مشابهاً لاحتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والتعامل معها كجزء مهم من الأراضي المحتلة التي على إسرائيل الانسحاب منها بشكل فوري.
ولم يقبل الجيش اللبناني بالطريقة التي يحاول فرضها العدو على تقرير الخروقات في الجنوب، ومحاولته منع أي مدني من الاقتراب من الحدود، في خطوة تهدف إلى منع رجال المقاومة من الرصد المباشر وحرمان الأهالي من حقوقهم في استثمار أرضهم والتعدي على السيادة اللبنانية.
غير أن النفاق الإسرائيلي حول الخروقات اللبنانية، يقابله خروقات جوية وبحرية وبرية للأراضي اللبنانية على طول الحدود وفي السماء والمياه الإقليمية. وكان من أبرز الخروقات، ما حصل مع راعٍ لبناني قبل أسابيع في منطقة مزارع شبعا، حيث اخترقت طائرة مسيّرة إسرائيلية الأجواء اللبنانية بنحو خمسين متراً وعلى ارتفاع منخفض، وقام جيش العدو بمخاطبة الراعي من خلال مكبّرات صوت في المسيّرة وباللغة العربية، طالباً منه الابتعاد وإلّا تعرض للأذية، فيما كان هو داخل الأراضي اللبنانية مع قطيعه.
وعلمت «الأخبار» أيضاً، أن وزير الدفاع الياس بوصعب يحضّر رسالة مشابهة لقوات الطوارئ الدولية، يطالب فيها بحقّ لبنان في فتح نفق القطار القديم (بيروت ــــ حيفا) قرب نقطة الـ B1 والتأكد من عدم احتلال العدو أي جزء من النفق، ووضع البوابة اللبنانية على الحدود داخل النفق. في وقت يقوم فيه العدو باستغلال تلك البقعة لأغراض سياحية واستثمار مطعم في النفق، وتنفيذ بعض الأعمال السياحية في جزيرة تخليت، بهدف تغيير واقع الجزيرة والتأثير بالحدود البحرية لقضم حقوق لبنان.