Site icon IMLebanon

الهدنة خير من القتل

سؤالٌ لا بُدّ من طرحه: هل دخلت الحرب السوريّة في «اللبننة»؟! «سأطلب» نشر وثائق الاتفاق الروسي – الأميركي لوقف الأعمال القتالية في سوريا، هذا ما قاله سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسيّة، والطّلب شيء ونشر الوثائق الخمس التي جرى توقيعها لوقف الأعمال القتاليّة في سوريا، قراءة في «الكلمات» التي يجري اختيارها بعناية شديدة لتُتيح ضبابيّة ما تُرخي بثقلها على الحرب السوريّة، بل تشي بأنّ الطرفين الدوليّين يُخبئان الكثير من العيار الذي يرى الفريقين أنّهما بغنىً عن حرج كشفه الآن.

يتذكّر اللبنانيّون جيّداً مصطلح «وقف الأعمال العدائيّة» الذي أنهى حرب الثلاثة والثلاثين يوماً التي اندلعت في تموز العام 2006، مثلما يتذكّرون تماماً مصطلح «حرب السنتين» الذي أطلق على «المرحلة الأولى» من الحرب الأهلية اللبنانية، كما يتذكّرون جيّداً تاريخ ٢١ تشرين الأوّل ١٩٧٦ تاريخ اتفاق وقف إطلاق النار وقرار مؤتمر الرياض إرسال قوات ردع عربية، يومها ظنّ كثيرون منّا أن الحرب انتهت لكنّنا اكتشفنا في السنوات اللاحقة الخدعة الكبرى التي سلّمت لبنان للاحتلال السوري وأنّ حرب السنتيْن كانت نزهة قياساً على ما عشناه لاحقاً، خمس سنوات من القتل في سوريا انهزم فيها الجميع ونكاد نقول دُمّرت فيها سوريا تدميراً رهيباً حتى العراق لم يشهد له مثيلاً، إلا أنّه أفضى إلى تفتيت العراق وتقسيمه وإن من دون إعلان هذا التقسيم!!

هو السعي إلى تجميد الوضع السوري في المرحلة الراهنة فالولايات المتحدة الأميركيّة منشغلة بانتخاباتها الرئاسيّة، وروسيا فهمت من درس حلب أنّها دخلت استنزافاً طويل المدى سيسمح استمراره باندلاع ثورة في روسيا ربّما، حتى حزب الله محتاج لهدنة التقاط النَّفَس بعدما فرضت عليه إيران الدخول في استنزاف الدماء المستمر، و»الهدنة خيرٌ من القتل»، وعلى البعض فهم رسالة جون كيري وزير الخارجيّة الأميركيّة وتهديده بأنّ وقف الأعمال القتاليّة هو الفرصة الأخيرة، وأنّ انهياره يعني أنّ سوريا ذاهبة إلى التقسيم، وللمناسبة تكريس وقف الأعمال القتاليّة هو أيضاً فرصة لتكريس الواقع العسكري الذي أفرزته الحرب في سوريا وتعزيز القدرات القتاليّة بانتظار جولة جديدة، ستكون أكثر دمويّة ومرارة ودماراً.

الثابت الوحيد حتى الآن، هو أنّ بشار الأسد سيبقى «صليب» سوريا وشعبها في مدّته الرئاسية الثانية التي بدأت عام 2012 ومن المفترض أن تستمرّ حتى العام 2019، أي مع دخول أميركا جولة الاستعداد لانتخابات رئاسيّة جديدة، وهذا من المفارقات المضحكة المبكية، إلا اللهمّ موت الخامنئي أو موت بشار الأسد سيغيّران سوداوية المشهد في سوريا والمنطقة، وإن كان موت الاثنين معاً سيفتح أبواب التفاؤل في المنطقة دفعة واحدة، وما ذلك على الله بعزيز، إنّ ذلك على الله يسير.

هل دخلت سوريا في اللبننة؟ طوال السنوات الماضية اعتقد كثيرون أنّ سوريا دخلت في العرقنة، أغلب الظنّ أنّها ذاهبة باتجاه اللبننة في انتظار جولات عنف جديدة، خصوصاً وأنّ تَرف القصف الجويّ المتنقّل للمنظمات الإرهابيّة في سوريا يكفيه الاعتبار من تَرف القصف الجويّ الأميركي للعراق الذي بدأ منذ العام 1991، ولا يزال مستمراً حتى اليوم فقد بدأ مع حرب الخليج الثانية ولم ينتهِ حتى اليوم مع تَرف التحالف الدولي للحرب على الإرهاب!!

غير متاح في المدى المنظور الاطلاع على الوثائق التي تمّ توقيعها بين الطرفين الروسي والأميركي ، وإن مارس سيرغي لافروف خداع تعلّمه نظام آل الأسد من الروس تحديداً، فلافروف هو الذي أعلن أن الوثائق لن تنشر لأسباب حساسة وحتى لا يستفيد منها الذين يريدون ضرب هذا الاتفاق لإطلاق العلميّة السياسيّة في سوريا من جديد، «قال عمليّة سياسيّة قال»!!