“لا تشيلون… همّ” قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لمواطني دولة الإمارات وللمقيمين على أرضها لدى اندلاع أزمة وباء “كورونا” التي هزّت ولا تزال أنحاء الكرة الأرضية بما فيها أقوى الدول وأقدم المجتمعات والقوميات.
وباللهجة اللبنانية يعني كلام الشيخ: “لا تحملوا همّاً” او لا “تهكلوا” كما يقولها البعض، وهو توجه بهذه العبارة اثناء اجتماع ضمه الى حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وعدد من المسؤولين عن مكافحة الوباء وإدارة شؤون الناس، وفي المناسبة قال للمواطنين والأجانب المقيمين: “واصلوا حياتكم بهدوء وطمأنينة، فحكومة الإمارات ورجالها المخلصون وجنودها المجهولون يعملون بكل صمت ليل نهار حتى لا يشعر أي إنسان على أرض الإمارات بنقص في الدواء والغذاء”.
كان ذلك “الخط الأحمر” الذي رسمته الدولة، وقد أتاح وجودي في دبي منذ بدء اجتياح “كورونا” للعالم أن أكون شاهداً على التزام موجباته.
غير التزام الحجر المنزلي لم يتغير شيء في الحياة اليومية، بقيت الأسواق هادئة والحاجيات كافة متوافرة من دون أي تلاعب في اسعارها، وحتى لحظة اقفال الحركة الجوية كان كل القادمين يخضعون الى فحص جدي لدى هبوطهم من الطائرات، ويجري إبلاغهم بالنتيجة فوراً أو في اليوم التالي على رقم هاتفهم، وبعضهم كان يتلقى مزيداً من اتصالات الاستفسار والاطمئنان بعد ايّام من وصوله اذا شعر المعنيون أنه مشروع مُصاب لاحقاً.
ولم تُميّز الإمارات بين مريض وآخر، مواطن أو مقيم، الجميع يتلقى العلاج اللازم ويُنقل الى شقق وفّرتها الدولة ليمضي أيام العزل والعلاج فيها، وبين هؤلاء المرضى لبنانيون وعرب واجانب، يعملون في الإمارات وخارجها وكلهم تلقى ما يلزم من علاج بعيداً من الضجيج الذي يصمّ الآذان في لبنان وغيره لدى كل تطور ولو تافه.
لا غرابة في سلوك الإمارات هذا. فقيادتها منذ الشيخ المؤسس زايد بن سلطان مدرسة في الحرص على البناء الداخلي المتين وفي الديبلوماسية الهادئة والناعمة خارجياً وفي التضامن الخليجي والعربي والإنساني بشكل عام. وفي مواجهة الوباء رفعت لواء التضامن الإنساني بقوة، وكان محمد بن زايد على اتصال مع غالبية قادة العالم وشارك في قمة العشرين بخصوص مكافحة “كورونا”، وكان لافتاً دعم الإمارات لإيران بالدواء والعتاد الطبي واتصال بن زايد بالرئيس السوري مؤكداً دعم صمود الشعب السوري لصدِّ الوباء.
ليست الإمارات بعيدة من لبنان، وأعتقد ان السفير الإماراتي في بيروت كان بين اول المبادرين الى تقديم العون، لكن المشكلة في المهيمنين على السياسة في لبنان الذين قطعوا أوصال ارتباطه مع عمقه الخليجي والعربي لمصلحة طرف إقليمي راغب في الهيمنة عبر تحريك أدواته هنا وهناك. الا ان هذا تفصيل سيعالج في يوم قريب من دون شك، ويبقى ان واحة الصمود في وجه المرض، والأمل في الانتصار عليه، تمثلها الإمارات خير تمثيل في هذا الجزء من العالم، وهي في ممارستها التضامن بكل اشكاله بوجه عدو يتسلل الى حياة البشر ضمانة لإنتصار تحتاجه البشرية بقوة.