IMLebanon

الامارات تعود بقوّة من البوابة الاقتصادية وتُنظّم مؤتمراً لدعم الإقتصاد اللبناني

 

أشارت مصادر مُقرّبة من السفارة الإماراتية في لبنان لجريدة «الديار» أن ما ورد في الإعلام عن إنعقاد مؤتمر إقتصادي في الإمارات العربية المُتحدة لدعم الإقتصاد اللبناني هو صحيح. وقالت أن هذا الأمر ليس بغريب عن دولة الإمارات العربية المُتحدة التي دعمت وما زالت تدّعم لبنان على الرغم من الإختلاف على بعض الملفات الإقليمية. وعن تاريخ إنعقاد هذا المؤتمر، قالت المصادر أن التاريخ لم يُحدّد بعد إلا أنه ليس ببعيد وقد يكون في الأشهر المقبلة لكن الأكيد أنه سيحصل قبل موعد مراجعة تصنيف لبنان الإئتماني أواخر هذا العام.

 

هذا الأمر تزامن مع معلومات نُفيد أن هناك توجّهًا لدى بعض الدول العربية لتحويل ودائع مصرفية إلى لبنان خلال المرحلة المقبلة.

 

في الواقع تشابك هذه المعلومات يدلّ على أن هناك تبدّلاً في الموقف العربي حيال لبنان خصوصًا الخليجي منه بعد إنقطاع دام أكثر من تسع سنوات على خلفية الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2011 ولكن أيضًا على خلفية إشتراك حزب الله في القتال في سوريا.

 

وقد شهد لبنان هذا العام رفعًا للحظر المفروض من قبل الممّلكة العربية السعودية على رعاياها للقدوم إلى لبنان مما أدّى إلى زيادة أعداد السيّاح السعوديين هذا العام حتى وصل عددهم إلى أكثر من 65 ألف سائح حتى الساعة. من ناحية الإمارات العربية المُتحدة، فقد حافظت الحكومة على حظر سفر رعاياها إلى لبنان مُتسّلحة بحجّة أن هناك خروقات في أمن المطار.

 

} دوافع سياسية }

 

السؤال الأساسي الذي يُطرح هو: لماذا هذا التبديل في المواقف الخليجية؟

 

السيناريو المُقترح هو السيناريو الذي طرحه الصحافي تيم ليستر والذي ينص على بدء التمايز بين المواقف الإمارتية والسعودية على الخلاف مع إيران والحرب في اليمن. فالسياسة الخارجية للدوّلتين واللتين بقيتا متلاصقتين حتى وقت قريب في كل الملفات الخارجية من النزاع مع طهران، إلى الحرب في اليمن مرورًا بالخلاف مع دولة قطر والأزمة السورية ودعم ثورة السيسي في مصر، بدأت تُظهر تباينًا في المواقف والخطوات بين الدولتين. وإعتبر ليستر أن الإنسحاب الإماراتي من الحرب في اليمن هو أول دليل علني على هذا التباين.

 

التباين أيضًا يظهر تجاه الخطوات التي أخذتها المملكة العربية السعودية تجاه لبنان حيث رفعت حظر سفر رعاياها إلى لبنان في حين أبقت الإمارات على حظر سفر رعاياها. وهذا الأمر تمّ تفسيره على أنه تشدّد من ناحية الإمارات العربية المُتحدة تجاه حزب الله وإيران ورغبة المملكة العربية السعودية في العودة إلى لبنان من الباب العريض. إلا أن المفاجأة أتت مع المعلومات عن رغبة الإمارات بتنظيم مؤتمر إقتصادي لدعم لبنان في أوائل تشرين الأول هذا العام.

 

التحوّل في الموقف الإماراتي عزاه ليستر إلى أن الإمارات العربية المتحدة لا تريد التصعيد العسكري في الخليج لما في ذلك من تداعيات على الإقتصاد الإماراتي وخصوصًا إمارة دبي التي تتمتّع بإقتصاد متنوّع أكثر عرضة للصدمات الخارجية. في حين أن المملكة العربية السعودية تستطيع تصدير نفطها عبر البحر الأحمر، هناك صعوبة للإمارات بالقيام بذلك. على هذا الصعيد، قام وفد من البحرية الإماراتية في شهر آب الجاري بزيارة إلى إيران حيث تمّ التوقيع على مذكرات تفاهم بين البلدين. وهذا الأمر بحسب ليستر لا يعني أن الإمارات غيّرت موقفها من طهران إذ أنها لا تزال تُعارض التوسّع الإيراني وتدّعم العقوبات الأميركية على إيران، لكن الإمارات تعتمد أسلوبًا جديدًا.

 

ولعل هذا السبب هو الذي دفع بالإمارات العربية المُتحدة إلى القيام بهذه الخطّوة نحو لبنان وهي التي سحبت إستثماراتها من لبنان وحظّرت على رعاياها المجيء إليه بالتنسيق الكامل مع المملكة العربية السعودية وذلك في العام 2011.

 

} السعودية والإمارات… دعم تاريخي للبنان }

 

التاريخ يُخبرنا أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتحدة واكبتا لبنان في مُعظم أزماته. ولا يُمكن نسيان الودائع السعودية والإماراتية في مصرف لبنان في تسعينات القرن الماضي، كما والإستثمارات الكبيرة التين قاماتا بها في لبنان خلال الفترة 2007 إلى 2010.

 

أيضًا تستقبل الدوّلتين مئات الألوف من العاملين اللبنانيين وذلك منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي وحتى اليوم. لذا عندما تقول المصادر المُقرّبة من السفارة الإماراتية أن مثل هذه الخطوة ليست غريبة عن الإمارات، فهذا صحيح.

 

في الواقع، على الرغم من إستمرارية الخلاف مع إيران والذي يُعتبر فيه حزب الله طرفًا من قبل الإمارات العربية المُتحدة والمملكة العربية السعودية، نرى أن المملكة ستعمد قريبًا إلى إتخاذ خطوات في نفس الإتجاه الإماراتي نظرًا إلى أهمية إستقرار لبنان بالنسبة للسعوديين والإماراتيين.

 

} عملياً، ماذا سيحصلّ؟ }

 

المؤتمر المنوي عقده في الإمارات العربية المُتحدة لدعم الإقتصاد اللبناني، سيُشكّل نقطة إنطلاق جديدة ستُترجّم بالخطوات التالية:

 

أولا – إستثمارات في الإقتصاد اللبناني من خلال آلية مؤتمر سيدر أو من خلال إستثمارات أجنبية مباشرة من قبل الإماراتيين، وبعض الدول التي قد تُشارك في المؤتمر مع حضور قوي للقطاع الخاص؛

 

ثانيًا – زيادة التبادل التجاري والسياحي بين لبنان والإمارات العربية المتـــحدة والتي قدّ تــكون على قاعدة «win-win strategy».

 

ثالثًا – عودة الإستثمارات السعودية من بابها العريض إلى لبنان نظرًا إلى ان المملكة العربية السعودية هي التي خطت الخطوة الأولى بإتجاه لبنان عبر رفع الحظر عن سفر الرعايا السعوديين إلى لبنان؛

 

رابعًا – ودائع سعودية وإمارتية في المصارف اللبنانية أو في مصرف لبنان وذلك دعمًا للإستقرار المالي للبنان؛

 

خامسًا – هذا الأمر قدّ يُشكّل حافزًا لدولة قطر التي قد تبدأ تنفيذ وعدها للبنان بشراء سندات خزينة بقيمة 500 مليون دولار أميركي كما والقيام بإستثمارات قطرية مباشرة في لبنان.

 

إلا أن كل هذه الأمور لا يُمكن أن تحصل إلا إذا إستطاع لبنان تخفيف المخاطر الأمنية والسياسية التي تحيق به حاليًا، وطرح خطة عملية للخروج من المشاكل المالية التي تعصف بماليته العامّة كما ومحاربة الفساد المُستشري. وتحقيق هذه الخطوات كفيل بعوّدة الإستثمارات الخليجية إلى لبنان والتي تُعتبر أكثر من حيوية للنهوض بالإقتصاد اللبناني وبماليته العامّة. بالطبع كل هذا سيؤدّي إلى تقوية موقع الرئيس سعد الحريري على الساحة اللبنانية نظرًا إلى أن كل هذا سيكون بفضل الجهود التي يقوم بها مع دولة الإمارات الشقيقة.