Site icon IMLebanon

الأزمة الأوكرانية تحجب الأنظار الروسية عن الساحة اللبنانية

 

 

لا تزال أزمة لبنان مدار تعاطف عدد من الدول الفاعلة، في وقت يبقى مفتاح الحلّ في جيب اللبنانيين.

 

منذ نحو عام تقريباً، كان بريق حلّ الأزمة الحكومية ينبع من موسكو، حينها دخل الروس بقوّة على خطّ التأليف وحاولوا مساعدة الرئيس المكلّف حينها سعد الحريري لإتمام مهمة التأليف، كما أنّ الدخول الروسي كان وقتها لمساعدة الأميركيين في الملف اللبناني.

 

لكن عدم حسم موسكو موقفها، والتعقيدات الداخلية للأزمة اللبنانية وشخصنة كلّ من الحريري ورئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل خلافاتهما، كانت من أبرز العوامل التي أدت إلى فشل المبادرة الروسية ومن ثمّ تنحّي الحريري ونجاح الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف حكومة سرعان ما عُطّلت.

 

إذاً، لم تنجح موسكو في مهمتها اللبنانية لا بل حاذرت عدم الغرق في الوحول اللبنانية أكثر، وكان المسؤولون الروس يردّدون أمام كل من يلتقونهم بأن حلّ الأزمة اللبنانية يأتي من ضمن سياق حلّ شامل لأزمة المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية.

 

ومع انطلاق مفاوضات فيينا النووية والحوار الأميركي – الإيراني المتجدّد حول هذا الملف، كان الروس يأملون أيضاً بحل شامل في المنطقة يحفظ تواجدهم في سوريا ومصالحهم في المنطقة، لكنّهم ظلوا ينظرون إلى الساحة اللبنانية من عين الريبة لسببين، الأول لأنّ الأميركي صاحب النفوذ الأكبر في لبنان وسيمنعهم من تخطي الحدود المرسومة لهم ولا يريد شريكاً مضارباً مثل روسيا على الساحة اللبنانية، وموسكو تفهم هذه الخصوصيّة الأميركية في بيروت، أما السبب الثاني فهو أنّ أيّ اضطراب أمني في لبنان سيهدّد ساحتهم السورية، لذلك كانوا دائماً مع منطق التسويات في لبنان وألّا يتحوّل هذا البلد إلى ساحة صراعات.

 

لكنّ تطوّراً دراماتيكياً حصل وبدّل الأولويات الروسية وهو اشتعال نيران الأزمة الأوكرانية، ومعلوم أن الإهتمام الروسي الأوّل يأتي بملف أوروبا الشرقية وليس الشرق الأوسط، ومع تطوّر الأوضاع في أوكرانيا، فإن الملف السوري بات بالنسبة إلى الروس ثانوياً وليس فقط الملف اللبناني.

 

من هنا، فإن تراجع الاهتمام بالشرق الأوسط بات واضحاً في السياسات العالمية، فالروس يهدفون إلى حماية مصالحهم في أوروبا الشرقية، ولا يسايرون أو يساومون في هذه النقطة. وعلى رغم أهمية الملفين السوري واللبناني، فإن موسكو تحاول تمرير المرحلة بالتي هي أحسن، فبالنسبة إلى دمشق، تعتبر أن خطوط المواجهة باتت مرسومة وقد ثبتت أقدام حليفها الرئيس بشار الأسد، وبالتالي فإنها مرتاحة نسبياً في هذه الفترة ولا يوجد خطر كبير على مصالحها.

 

أما ملف لبنان فهو غير مهم بالنسبة إليها في هذه المرحلة، فبالأصل لم يكن لبنان منطقة نفوذ لها، وعلى رغم علاقتها المميزة بالحريري فإنها احترمت خطوته ولم تُعرها الإهتمام الكبير، في حين أنّ موقفها المعلن بات دعم استقرار لبنان وأمنه وسلامة أراضيه والدخول في تسويات داخلية واحترام موعد الإنتخابات النيابية من ثم الرئاسية.