Site icon IMLebanon

المظلة

تحت مظلة التوافق على انتخاب العماد عونه رئيساً للجمهورية بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، صدرت التعيينات الأمنية والقضائية وأنجز مشروع قانون الموازنة العامة بعد إحدى عشرة سنة من الغياب، وأقر في اللجان النيابية المشتركة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب المعلق على شماعة الخلافات السياسية وتضارب المصالح منذ اكثر من خمس سنوات، وكل هذا يدل على أن التوافق ما زال صامداً بين كل المكونات السياسية، ويسمح للحكم الجديد بمواصلة العمل على اعادة ترتيب البيت الداخلي بما يحصنه داخلياً باعادة تنشيط الدورة الاقتصادية وتنقية الأجواء السياسية بما يفسح في المجال امام العهد لتحقيق الاصلاح المنشود في كل مؤسسات الدولة وصولاً الى قيام الدولة الحديثة التي ما فتيء اللبنانيون يحلمون بها، منذ أن توقفت بعد خروج الرئيس الراحل فؤاد شهاب من السلطة في الستينات من العام الماضي.

وإذا كان الحكم نجح في امتحان الموازنة والتعيينات ومشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب بفضل التوافق السياسي الذي رفع العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، فان هذا الحكم ما زال يواجه التحدي الأكبر وهو إنجاز قانون جديد تجري الانتخابات النيابية على أساسه، وبات يتعين على حكومة استعادة الثقة اقران القول بانجاز هذا القانون قبل انتهاء المهلة الدستورية لاجراء هذا الانتخاب، ووضع حدّ للمراوحة والمماطلة في اقراره، كما هو واقع الحال حتى الساعة.

قد تتذرع الحكومة بانهماكها في إقرار قانون الموازنة العامة وإنجاز بعض الترتيبات الإدارية التي لا بدّ من إنجازها في أسرع وقت حرصاً على صدقية العهد وتعهداته في خطاب القسم وفي مواقفه المعلنة باعادة الحركة إلى المؤسسات العامة المصابة بالشلل نتيجة الفراغ الطويل في رئاسة الجمهورية، وتواطؤ القوى السياسية على استلاب الدولة والتحكم بمقدراتها، لكنها بعد إنجاز الموازنة والدفعة الأولى من التعيينات الأمنية والقضائية والإدارية لا تستطيع ان تجد الأعذار المقنعة للتلكؤ أو المراوحة في ملف قانون الانتخابات فيما المهل القانونية على الابواب، وليس مسموحاً لها بالتالي تقديم الأعذار والتبريرات من منطلق ان القانون الجديد يحتاج الى توافق سياسي كامل ولا يمكن فرضه بالقوة حتى ولو كان يحظى بموافقة أكثرية المكونات السياسية ما دام الوقت يداهم، وما دام الجميع متوافق على عدم التمديد للمجلس الحالي، وعدم اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين الساري المفعول. فالحكومة ملزمة بوضع قانون جديد للانتخابات وإحالته الى المجلس النيابي لاقراره كما هو او بعد إدخال التعديلات التي ترتئيها الهيئة العامة عليه، والفرصة الآن التي يتيحها التوافق الصامد متاحة للحكومة لكي تعكف على وضع القانون الجديد في جلسة أو في أكثر خصوصاً وأن الحكومة الحالية تمثل معظم المكونات السياسية في البلاد، ويكفي أن تتفق على قانون جديد لكي يمر هذا القانون في الهيئة العامة التشريعية، ويدخل لبنان تحت عباءة التوافق مرحلة جديدة مشرقة.