عوامل عدة تؤدي الى زيادة المخاطر على الوضع اللبناني، من جرّاء الاجواء الاميركية – الايرانية الجديدة اثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، بحسب مصادر ديبلوماسية بارزة. لعل ابرزها: وجود احراج اسرائيلي كبير، على الرغم من ان سوريا والجولان هما ساحة الصراع العسكري بين اسرائيل وايران حتى الآن، وهذا الاحراج قد يسبب تسلطاً اسرائيلياً ما يؤدي الى استهداف لبنان. إضافة إلى وجود تضامن كبير من “حزب الله” مع ايران. مع الاشارة الى ان الحزب لا يزال يقول بما معناه ان المعركة في سوريا وليست في لبنان، وانه ليس له مصلحة بأن تتطور الامور في اتجاه لبنان. ومع الاشارة ايضاً، بحسب المصادر، إلى ان لا مصلحة لاسرائيل حالياً في تحريك جبهة لبنان، وانها فقط ستُبقي على الجبهة “السورية” مفتوحة.
هذا على المستوى الخارجي، اما على المستوى الداخلي، فان انعكاس اي ردة فعل ايرانية نتيجة خروج واشنطن من الاتفاق النووي، سيبقى محدوداً في السياسة. اذ ان تشكيل الحكومة الجديدة، قائم على توازنات داخلية. المهم الآن الدور الذي سيؤديه التيار “الوطني الحر” واداؤه في المستقبل. اذ انه ان اراد الاداء تحت لواء ٨ آذار، يصبح عدد النواب نحو ٧٠ نائباً، يعني شيئاً، وان اراد الاداء في اطار وسطي وتوافقي، يعني شيئاً آخراً. مع الاشارة الى انه اذا تم جمع عدد نواب ١٤ آذار يصبح هؤلاء ٤٠ نائباً. علاقة التيار مع “حزب الله” استراتيجية، وعلاقته جيدة مع “المستقبل”. ويتوقع انه في هذا الاطار، ستتخذ مواقف حكيمة، تؤدي الى الحفاظ على الاستقرار، الذي يبقى مطلباً داخلياً، ودولياً. وبالتالي “الوطني الحر” يمثل الثقل في اللعبة الداخلية، وسيقوم “بدوزنة” علاقاته الجيدة والتحالفية بين الاطراف.
والحكومة الجديدة يتوقع ان تثبت الشعارات التي ستتمسك بها. ذلك ان هناك تحضيرات للتسوية في المنطقة، لكن يوجد تصعيد في مرحلة ما قبل التسوية، لا سيما ما يتصل بتطويق ايران و”حزب الله”. والمهم تحديد تموضع لبنان، وما قد يَنتج عن ذلك من اعادة التأكيد على النأي بالنفس او تطوير هذه الفكرة.
ويبدو ان ملف النازحين السوريين اساسي، امام الحكومة، ثم السلاح في اطار الاستراتيجية الدفاعية ثم هناك الاولويات الاقتصادية ودور مصرف لبنان. فضلاً عن القلق من المساعي لدى النظام السوري من ان “يقطف” في لبنان نتيجة الدعم الروسي له وابقائه صامداً وان لم ولن يستطيع ان يحكم كل سوريا. والقلق بالتالي من انه يريد ان يطمئن سياسياً في لبنان، عبر حلفائه، الفائزين في الانتخابات النيابية، وليس فقط في ظل وجود “حزب الله”.
لكن المصادر، تؤكد ان الحفاظ على الاستقرار في لبنان يبقى اولوية دولية، لاعتبارات عديدة، هي ان المجتمع الدولي لا يريد في لبنان اية تداعيات للوضع السوري، ولا لتطورات الموقف في الملف النووي الايراني. وكذلك، ان الدول تريد ابقاء النازحين في لبنان الى حين حل مشكلة العودة، وعدم خروجهم الى الدول الاوروبية.
ثم ان الدول تريد الاستقرار الاقتصادي وهو مهم بالنسبة اليها، اذ ان التمويل عبر مؤتمر “سيدر” لا بد انه يحتاج الى هذا الاستقرار والانطلاق نحو التنمية والتطوير. كذلك ان المرحلة المقبلة هي اعادة اعمار سوريا، ان حصلت، ستحتاج الى جسر عبور، ويُفضل ان يمثل لبنان هذا الجسر.
فضلاً عن ان اسرائيل ليست مستعدة لمشكلة الآن مع لبنان، على الرغم من كل التوترات حول النووي، والمواجهة المستمرة بين اسرائيل وايران فوق الاراضي السورية.
وهناك قناعة من السياسيين اللبنانيين بالعمل لعدم عودة البلد الى الوراء، لاسباب اقتصادية، ولضبط الوضع السياسي الذي يؤثر على الاقتصاد ايجاباً. وهناك قناعة خاصة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول ان لبنان نموذج في الشرق يجب الحفاظ عليه. وهي قناعة صلبة لن تتغير.
ثم ان “حزب الله”، بحسب المصادر، يُتوقع ان يعمل لضبط الامور في حال اشتدت المواجهة الدولية – الايرانية. وفي المقابل، يعتبر الاميركيون انه اذا جرى التفاهم مع ايران، عندها يضعف “حزب الله”.