ما أورده بعض الصحف عن لقاء المطران بولس مطر ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في باريس يجدر التوقف عنده بجدية كونه على قدر كبير من الأهمية والخطورة في المضمون.
فمن جهة يأتي هذا اللقاء برسالة تطمين من الإدارة الأميركية الى البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي لا يبدو أنه توقف عندها كثيراً بدليل مواصلة الحملة الشديدة ضدّ معطّلي الإستحقاق الرئاسي في عظة الأحد التي ألقاها من كنيسة السيدة في بكركي أمس.
ومن جهة ثانية فإن التطمين مرتبط بالموقف الإيراني.
فبكلام واضح وصريح يأمل وزير الخارجية الأميركي (بل يبدو جازماً) ان إتفاقاً سيوقع خلال الشهرين المقبلين بين واشنطن وطهران، وبالتالي فإن عقدة الرئاسة اللبنانية ستفك بعد هذا الإتفاق.
وهذا كلام مهم جداً لأنه يفسّر أنّ المحادثات الأميركية – الإيرانية التي يقال ويُعلن أنها «محادثات الملف النووي»، هي ايضاً تتناول ملفات المنطقة برمتها، ومنها من حيث الأولوية الملف الرئاسي اللبناني.
وإضافة الى تفاؤل الولايات المتحدة الذي يبدو مفرطاً في نتائج المحادثات مع إيران فإن كيري يبلغ رئيس أساقفة بيروت المارونية ورئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، أنه جرى إطلاع المملكة العربية السعودية على وقائع هذه المحادثات.
الى ما هنالك من النقط الحساسة التي أوردها الخبر (…) وهو ما يؤكد على الإستنتاجات الآتية:
أولاً – انّ المساعي اللبنانية بما فيها الحوارات الجارية لن تصل الى أي نتيجة في الملف الرئاسي، وإن الفراغ يبدو قراراً خارجياً ومرتبطاً بما يدور في محادثات جنيڤ ومونترو وباريس بين وزيري الخارجية كيري وظريف.
ثانياً – إن هذه المحادثات قطعت شوطاً كبيراً حول حل المشكلات في المنطقة من وجهة النظر الأميركية – الإيرانية.
ثالثاً – قال الوزير كيري للمطران مطر إن واشنطن تطلع الرياض على التفاصيل… ولكنه لم يذكر موقف المملكة الحقيقي ممّا يجري بين الدولتين اللتين تضعان الملف النووي في الواجهة التي يجري في موازاتها البحث الشامل في شؤون المنطقة.
رابعاً -إن كيري لم يذكر أسماء بعينها في البازار الرئاسي. وهذه معلومة يمكن «الشرق» أن تؤكد عليها. علماً انه جرت محاولة للبحث في الأسماء إلا أنّ كيري لم يدخل فيها، وهو حصر التطمين في المبدأ… أي في الجزم بحصول الإنتخاب الرئاسي خلال الشهرين المقبلين ولكنه لم يحدّد إسماً أو أسماء بعينها.
خامساً – سؤال يطرح ذاته بإلحاح: هل دخلت المنطقة في مرحلة التفاهم الأميركي – الإيراني المعلن بعد طول خلاف (والبعض يقول بعد طول تفاهم غير معلَن؟).
سادساً – في أي حال تلك هي تطورات مهمة يفترض إستكمال صورتها بالإجابة عن الآتي:
1 – ما هو الموقف الحقيقي للمملكة العربية السعودية ممّا يجري؟
2 – ما هو الموقف التركي الحقيقي؟ واستطراداً: الى أي مدى يمكن أن يصل التفاهم بين الرياض وأنقرة على مختلف القضايا ذات الصلة؟
3 – أين هو موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من هذه التطورات كلها؟… وهو ما كان مدار بحث، من دون شك، في لقاء الرئيس المصري والرئيس سعد الحريري أمس في القاهرة؟
يبقى ان هذا اللقاء أثار بلبلة بين المعنيين به، فبينما أكد المطران مطر أن اللقاء كان مصادفة واستغرق دقائق، أكد رئيس المجلس العام الماروني الشيخ وديع الخازن أنهما التقيا كيري في «باريس» وجرى استعراض للوضع المسيحي في لبنان والشرق وأهمية إيلاء موضوع الإنتخابات الرئاسية الإهتمام البالغ في مثل هذه الظروف التي تتطلب، لبنانياً، وجود رئيس للجمهورية لضبط قواعد الدستور وإيقاع العمل الحكومي في مجمل دوائر الدولة «وإن كيري» أعار هذه القضية إنتباهاً كاملاً ووعد بما يدفع الجميع الى إنتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن.
الى ذلك أفاد مصدر في الصحف التي نشرت الخبر، إن ما ورد في روايتها مستقى من أحد أطراف اللقاء.