IMLebanon

تفاهم القوّات والتيّار ديناميّة لمصلحة لبنان

أثبتت الممارسة والنتائج على الارض، ان التفاهم بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، لم ينتج معطيات ايجابية فحسب، على الرغم من انه غير مكتمل تماماً، بل انه خلق دينامية واضحة ضمن النطاق المسيحي، وعلى مستوى الحركة الوطنية، تشبه الى حد بعيد الدينامية التي اوجدها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، داخل البيئة السنية، وامتدادها لاحقاً الى البيئات الاخرى، وخصوصاً البيئة المسيحية، والبيئة الدرزية، التي تفاعلت معه ومع تطلعاته اللبنانية، على عكس الحذر الذي تبديه البيئات الاسلامية، حيال الدينامية المسيحية، ويمكن القول، الدينامية المارونية، التي انطلقت بعد توقيع ورقة التفاهم، وانتخاب العماد ميشال عون، رئيساً للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، ضخّ فيها دم جديد غير ملوّث بالفساد.

منذ قيام لبنان الكبير، وبعد التخلّص من الانتداب الفرنسي، واعلان الميثاق الوطني في عام 1943، وعلى الرغم من الخلافات والاختلافات في العهود المتعاقبة، خصوصاً بعد الموجة الناصرية في الخمسينات، وانطلاق العمل الفلسطيني المسلّح في نهاية الستينات، بقي تفاهم الديناميّات اللبنانية قائماً في حدّه الأدنى، حتى نشوب الحرب في منتصف السبعينات، عندما انفخت دفّ العائلات الروحية اللبنانية وتفرّقت الطوائف والمذاهب، وتحوّل لبنان الى نهر دم ومقبرة كبيرة، وعندما دعي اللبنانيون الى مدينة الطائف السعودية، للحوار والتفاهم على مخرج للحرب، لم يقدّم الى المسيحيين، باعتبارهم «مهزومين» سوى اتفاق الطائف الذي انتزع منهم «امتيازات» كانت بالنسبة اليهم «ضمانات» وقدّموا اليهم جائزة ترضية، ان رئيس الجمهورية يبقى مسيحياً مارونياً، ولكن بصلاحيات قليلة مدروسة جيداً، وقبل المسلمون بمناصفة ورقية في مجلس النواب وفي الحكومات، وفي مناصب الفئة الاولى، واستثناء الفئات الأخرى، وكان هذا الاستثناء الباب الذي فتح في وجه المسلمين لملء الوزارات والادارات العامة بعشرات الوف الموظفين، يثقلون اليوم كاهل الموازنة العامة.

* * * *

طول عهد الوصاية السورية، وتحت رقابة وتوجيه النظام الأمني السوري – اللبناني، كان الوصي السوري والشركاء في الوطن، يفرضون القوانين الانتخابية، والتشريعات التي تؤكد هيمنتهم على كل شيء في لبنان، ولذلك من «الطبيعي» ان يتمسّكوا بما اعطي لهم، حتى ولو بعد خروج السوري من لبنان، على قاعدة «الاستمرارية ووضع اليد» ومن الطبيعي ايضاً في مجال الدفاع عمّا اعطي لهم، ان ينعتوا المسيحيين، الذين يطالبون بحقوقهم، انهم طائفيون، وعنصريون، ويهددون السلم الأهلي، ويؤسسون في تصرفاتهم ومطاليبهم لحرب أهلية.

حرب اهلية؟؟! أليس معيباً هذا القول ان يوجّه الى المسيحيين من شريك يملك المال والسلاح على انواعه وعديده ضعفي عدد المسيحيين؟!

أليس معيباً، ان يواجه تفاهم حزبي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بهذا الكمّ من الهجوم والتحريض والاساءة، فقط لأنه أوجد دينامية سلمية في بيئته وفي البيئات الاخرى، لخلق دولة المواطن والقانون والمساواة بين الجميع، والمجازفة بزرع شرخ طائفي، فقط للاحتفاظ بحقوق ليست له؟!

المسيحيون حريصون على سلامة لبنان، وحريته، واستقلاله، ولن يفرّطوا به مهما كان الثمن، وبالتالي لا لزوم لهذا الكلام التهديدي العالي السقف، والافضل ان تجتمع جميع الديناميات تحت سقف مصلحة لبنان، والعدالة، والحق، والعيش الواحد، النابع من ارادات طيّبة، ونيّات سليمة.