IMLebanon

منظمة الأمم المتحدة إلى أين؟!

 

يقول الصحفي البارز وداعية االسلام نورمان كازينز: «اذا اردنا للأمم المتحدة البقاء فعلى من يمثلوها ان يدعموها، وعلى من يناصروها ان يخضعوا لها وعلى من يؤمن بها ان يقاتلوا من اجلها». وكان ذلك في العام 1956.

في الإحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين على تأسيس الأمم المتحدة اطلق الأمين العام عدة اشارات وباتجاهات مختلفة كانت نتيجة مناقشات داخلية مستفيضة حول مستقبل المنظمة الدولية وضرورة ان تنحو منحا جديدا بعيدا عن المنحى الذي اتخذته بعيد انتهاء الحرب العالمية االثانية.

استخلص الأمين العام من هذه المناقشات تقريرا تاريخيا جديدا هو «خطتنا المشتركة» الذي حدد من خلاله رؤيته لمستقبل التعاون العالمي وذلك بعد ان استهل هذا التقرير بملاحظات لاذعة عن الحالة المحفوفة بالمخاطر في عالم وصفه «بـأنه تعرض لضغوط هائلة بحيث تصبح سمة هذا المستقبل هي عدم استقرار الخطير والفوضى المناخية».

واضاف الأمين العام ان ازمة المناخ تؤدي الى حربنا الإنتحارية على الطبيعة وانهيار التنوع البيولوجي ومع ذلك كانت الإستجابة العالمية قليلة جدا ومتأخرة للغاية.

وما لفت الأمين العام النظر اليه هو ان البحث في مستقبل الأمم المتحدة في ظل البدائل بالنظام الدولي التي برزت فيها الولايات المتحدة انها القوة الوحيدة المهيمنة على الساحة الدولية ما جعلها تتجاوز القانون الدولي والمبادىء التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة ما بدأ يشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين وتجنبا لمثل ذلك الأمر بدأت تبرز افكار متنوعة لإنقاذ مستقبل المنظمة الأممية لكن احدا لم يفكر باستبدالها.

وقد قدم تقرير الأمين العام عدد من المقترحات الرئيسية منها: الإعتراف بأهمية الفئات الضعيفة، وضمان اقتصاد عالمي اكثر استدامة مع نظام تجاري دولي اكثر عدلا، ايلاء المسألة المناخية الإهتمام الذي تستحقه مع التزام الدول بالحد من درجة الإحتراز الحراري، ومعالجة كل ما يتعلق بالسلام والأمن واقتراح تنفيذ خطة جديدة للسلام لمنع نشوء النزاعات الإقليمية وأخيرا ربط مسألة الأمن بمقتضيات العدالة الدولية وتطبيق حقوق الإنسان.

لقد لاحظ الباحثون ان الأمم المتحدة مؤسسة غير مثالية بسبب العيوب التي تعتريها وبطء عملياتها التي غالبا ما تفتقر لوسائل التنفيذ لهذا تحتاج الأمم المتحدة للإصلاح والدعم اذا ما اردنا ان يكون لها مستقبل ذو مغزى وهذه القضايا الإصلاحية ليست جديدة وانما تعود الى اوائل التسعينيات.

ولكن كيف يمكن للأمم المتحدة ان تحمي الأمن البشري وحقوق الإنسان بصورة اكثر حزما ؟

اولا نحن بحاجة الى اصلاح مجلس الأمن على مستويين: النقض والعضوية.

بوجود حق النقض هناك الكثير من القرارات المحقة لم تبصر النور واكبر مثال القرارات الخاصة بالزام اسرائيل وقف اطلاق النار. لكن وللأسف ان نزع حق النقض يستدعي بحسب ميثاق الأمم المتحدة اجماعا وبالتالي تمت الإستحالة بحصوله. اما لجهة العدد فهو اقل صعوبة لكنه لا يحل المشكلة وحده خاصة وانه بثير نزاعا بين الدول.

لكن اصلاح مجلس الأمن من خلال اعادة نظر بسلطة حق النقض ما زال يخضع لنقاش واسع بسبب اعاقته لعملية الإصلاح طالما بقي كما هو.

اما الحاجة الثانية للإصلاح فهي عملية السلام وكيفية تحقيقه بواسطة قوات حفظ السلام نفسها وهي لا تملك قوة تنفيذيه تسمح لها بفرض السلام بالقوة.

اما المصدر الثاني للإصلاح فهي مسألة التنمية البشرية التي يجب ان تكون عملية مستدامة بسبب المتغيرات التي تطرأ. واخيرا وليس آخرا يسجل للمنظمة العالمية الأممية انها انشأت لأول مرة دستورا عالميا لحقوق الإنسان يتمتع بحماية دولية.

من هنا نشأت الحاجة الى عقد مؤتمر قمة سمي «قمة المستقبل» بشهر ايلول 2024 «للمساعدة في اعادة بناء الثقة» لجعل المؤسسات والأطر المتعددة الأطراف متوافقة مع العالم اليوم على اساس المساواة والتضامن.

يطرح الأمين العام وانصار المنظمة الدولية ان تشكل القمة القادمة ميثاقا للمستقبل يغطي خمس حالات هي: التنمية المستدامة والتمويل المرتبط بها والسلام والأمن الدوليين والعلوم والتكنولوجيا والإبتكار، فضلا عن التعاون الرقمي، والشباب والأجيال القادمة تحويل الحوكمة العالمية.

ونحن نتمنى ان يتحقق حلم الأمين العام الذي قال متوجها الى الدول المشاركة في القمة «ان ميثاق المستقبل سيكون عقدا فيما بينكم وبين شعبكم».

* مدعي عام التمييز سابقاً