IMLebanon

الولايات المتحدة وحزب الله

 

 

هناك عدة دول تؤثر على لبنان وهي العدو الصهيوني والسعودية وايران والولايات المتحدة وفرنسا ولكل دولة منها نفوذها داخل لبنان بصورة مباشرة او غير مباشرة، وفي مركز الدراسات الاستراتيجية العليا المرتبط بسكرتير الامن القومي الاميركي في البيت الابيض دراسات او بحث بشأن حزب الله وبشأن وضعه ودوره في لبنان والمنطقة. هؤلاء الاستراتيجيون يدرسون بشكل علمي الامور وبشكل موضوعي ومع تقدم المفاوضات الاميركية الايرانية والتفاؤل الحذر بشأن نتائج المفاوضات، فانها اذا نجحت هذه المفاوضات سينعكس الامر على لبنان، وبالتحديد على العلاقة بين الولايات المتحدة ونظرتها الى حزب الله. لقد توصل الاستراتيجيون في مركز الدراسات العليا التابع للامن القومي الاميركي الى ان حزب الله حزب منظم له مدارسه ومستشفياته ومستوصفاته ومؤسسات رعاية اولاد الشهداء، ومؤسسات كثيرة منظمة، وان الجناح السياسي في حزب الله يعيش حياة متقشفة، ووزراء حزب الله كانوا رمزا لعدم الفساد داخل الحكومات كلها منذ ان دخلوا الى المجلس النيابي، وانتقل بعضهم الى مركز وزاري، وانهم كانوا بعيدين كل البعد عن الفساد، وان لبنان لا يستطيع تجاهل وجود وقوة حزب الله. وبالنسبة للشق السياسي في حزب الله، فبحسب الدراسة، لا يجب ان تبقي الولايات المتحدة على اعتباره جناحا ارهابيا بل بجب ان تفصل بين الجناح السياسي والجناح العسكري، كما تفعل فرنسا بالتعاطي مع حزب الله، وللولايات المتحدة مخابرات في كل العالم وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط وفي لبنان والكيان الصهيوني والدول التي ذكرناها التي تؤثر على لبنان.

 

وكان اتخذ الرئيس الاميركي بايدن قرارا بأن الحوثيين في اليمن ليسوا ارهابيين، وهم ليسوا تنظيما ارهابيا، واذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن ايران فان العلاقات الايرانية الاميركية ستتحسن وايران بحاجة الى رفع العقوبات عنها، لان وضع اقتصادها صعب، لكنها استطاعت تجاوز الصعوبات. وعند جلوس الوفد الايراني والاميركي سيتم البحث في وضع المنطقة من اليمن الى لبنان الى الخليج العربي، لكن النقطة التي يتوقف عندها المحللون الاستراتيجيون في هذا المركز، هي مطالبة اسرائيل بحفظ امنها على حدودها الشمالية، اي حدود فلسطين المحتلة مع لبنان، وعندها قد تبدأ الولايات المتحدة حوارا مع لبنان بشأن ضمان ان لا يقوم الشق العسكري في حزب الله بأي عملية مهما كانت صغيرة على الحدود مع الجيش الاسرائيلي وان تبقى الحدود آمنة كما هو حاصل منذ 16 سنة، اي منذ عدوان اسرائيل على لبنان في حرب 2006 حيث شنت اسرائيل اكبر عدوان اثر خطف المقاومة لجنود اسرائيليين كانوا في دورية على الحدود.

 

«اسرائيل» تريد ضمانة اميركية لبنانية على ان تفاوض الولايات المتحدة لبنان كي تقوم الدولة اللبنانية بالتفاوض مع حزب الله باعطاء ضمانة انه لن يقوم بأي عمل عسكري على الحدود مع «اسرائيل» وان يبقى الوضع هادئا كما هو برعاية القوات الدولية اليونيفيل.

 

اميركا وفرنسا درستا وضع لبنان تماما مع اوروبا واعتبرتا الدولة اللبنانية حاليا دولة فاشلة وليست مفلسة ماليا فقط، بل مؤسساتها التي تعمل ايضا، والفساد مستشر في كل مكان، واخذ الاستراتيجيون عدم فساد حزب الله بشقه السياسي لان الشق العسكري غير ظاهر وطبعا ليس لديه اي ارتباط بمشاريع الدولة اللبنانية وصفقاتها.

 

والولايات المتحدة بعد سنتين اذا تم التوافق الاميركي الايراني قد تلغي صفة الارهاب عن حزب الله السياسي ضمن شرطين:

 

1- ان يضمن حزب الله للدولة اللبنانية بأنه لن يقوم بأي عمل عسكري على الحدود مع «اسرائيل».

 

2- ان لا يكون لحزب الله مخابرات، واي «ارهاب في العالم»، بحسب وصف الاميركيين، حيث ينتشر جهاز المخابرات الخارجي في حزب الله في دول العالم ويشكل خطرا على الاسرائيليين في هذه الدول رغم قوة الموساد وتفوقه في صرف الاموال الكبيرة على المخبرين وعلى تطويع اشخاص لتنفيذ عمليات ارهابية من قبله دون ظهور الموساد في الواجهة.

 

وزارة الدفاع الاميركية تعتبر ان بحث لبنان في سياسة دفاعية شأن غير واقعي وان الحل العملي للامور هو الاعتراف بالامر الواقع الحاصل فلا يمكن للجيش اللبناني ان يسحب سلاح حزب الله بل المطلوب برأيهم ان لا يستعمل حزب الله هذا السلاح من قبله دون ان تكون «اسرائيل» بدأت حربا على لبنان، والاميركيون يقولون انهم سيضمنون عدم قيام «اسرائيل» بأي عمل عسكري على الاراضي اللبنانية. فاذا تفاوضت الحكومة اللبنانية مع حزب الله واستطاعت تأمين ضمانة للولايات المتحدة بأن حزب الله تعهد لها بأن لا يقوم بأي عمل عسكري فان واشنطن بعد حوالي سنتين وبعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد ومعرفة نتائج الانتخابات النيابية قد ترفع صفة الارهاب عن حزب الله بشقه السياسي وتعتبر ان الجناح السياسي غير فاسد وانه حزب منظم يمكنه ان يلعب دورا اكبر من دوره الحالي على الساحة اللبنانية وان يتولى وزارات هامة، وعندها الولايات المتحدة ستلزم اسرائيل بالسكوت عن الامر من خلال اعطائها ضمانة بأن حزب الله لن يهاجم الحدود الاسرائيلية اي حدود فلسطين المغتصبة.

 

ان ما كتبناه، هو بعض التسريبات السرية من واشنطن التي ترغب بوصول العماد جوزاف عون قائد الجيش اللبناني الى رئاسة الجمهورية وقيامه بدور كبير جدا لمحاربة الفساد لانها تعتبره رمزا للشفافية والنزاهة، ولم يقم بأي عمل فيه شبهة او فساد وانه يستطيع ان يتفاوض مع حزب الله على ضمان امن حدود لبنان مع «اسرائيل» اي فلسطين المغتصبة.

 

السعودية لن يكون لها دور في الموضوع، الا العودة التدريجية الى الطائفة السنية في لبنان، وايران لن تكون موجودة عسكريا، بل ستصبح العلاقات بين لبنان وايران جيدة بعد رفع العقوبات الاميركية عنها وعندها يستطيع لبنان ان يفتح صفحة جديدة من العلاقات مع ايران، اما فرنسا فهي تشجع هذا الاتجاه والرئيس الفرنسي ماكرون شرح للرئيس بايدن هذا الامر وبايدن يميل الى سياسة دبلوماسية هادئة على عكس الرئيس الاميركي السابق ترامب الذي اطلق صفقة القرن مع رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق نتانياهو وغرّق دول عربية في التطبيع مع العدو الاسرائيلي ولم تصل الى نتيجة، بل على العكس، حصلت الولايات المتحدة في عهد ترامب على 850 مليار دولار بعدما قال ترامب للملك سلمان «ادفع جيدا للولايات المتحدة لانه لولا جيشها لم تكن جالسا على كرسي الملك».

 

ان الولايات المتحدة قادرة على الطلب من دول الخليج اعطاء لبنان 50 مليار دولار قروضا ميسرة وطويلة الامد لاعادة اعماره وبناء البنية التحتية بعيدا عن الفساد، وتعتبر ان نواب ووزراء حزب الله ليسوا من المنظومة الفاسدة ولكن ليس كل الولايات المتحدة بل مخابرات الولايات المتحدة ومركز الدراسات العليا التابع للامن القومي في البيت الابيض ، كما ان الرئيس الاميركي اوباما يلعب دورا هاما في تقديم النصائح بالتسويات للرئيس بايدن كما فعل في افغانستان حيث سلم طالبان الحكم ولم يعد يعتبرها تنظيما ارهابيا بل سلمه رئاسة الدولة ومجلس الوزراء وكل افغانستان. وطبعا الامر لا ينطبق على لبنان كي يتم تسليم حزب الله كل شيء لكن اعطاء الانتباه للشق السياسي لحزب الله وهذا ما يوصل لبنان الى استقرار من خلال الضغط الاميركي والفرنسي على اسرائيل وعلى حزب الله وعلى السعودية كي يوقفوا الحملات الداخلية التي تؤدي الى التوتر على الساحة اللبنانية وتبعد الفاسدين الى ان يقضي الله امرا جديدا.