جريصاتي وحاصباني يتحدثان لـ «اللواء» عن الآلية والمعايير
يفترض ان تصدر حكومة الرئيس حسان دياب في جلستها المقبلة، الجمعة، دفعة جديدة من التعيينات في مراكز أساسية تشمل مدير عام وزارة الاقتصاد، مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، محافظ بيروت ورئيس مجلس الخدمة المدنية. وهي ليست التعيينات الأولى للحكومة اذ سبق لها ان بتت بقسم منها في التاسع من نيسان الماضي، كما كادت أن تبت التعيينات المالية لكن الملف سحب بعدما كاد يهدد الحكومة بالانفجار نظرا لاعتراض بعض مكوناتها .
لطالما شكل ملف التعيينات اختبارا للحكومات المتعاقبة في مجال اختيار الموظفين وفق معايير الكفاءة والنزاهة، ولطالما ازاحت المعايير الحزبية والطائفية السياسية ما كان يجب اللجوء إليه في التعيين السليم وقد تحصل في بعض المرات استثناءات إنما واقع الأمور، وبالتالي الجلسات كانت خير دليل في ذلك. وكثيرة هي المرات التي كانت تنشر فيها أسماء المحظيين بجنة الإدارة في الصحف ووسائل الأعلام قبل بت الأمر في مجلس الوزراء نتيجة التوافق السياسي على ما يعرف بالسلة.
وردت التعيينات للمراكز الإدارية الشاغرة في صلب البيانات الوزارية للحكومات بعضها مر وبعضها تعطّل والبعض الآخر كان مصيره الإرجاء بسبب عمر الحكومة القصير وغير ذلك. غير ان هذا الملف يبقى أساسياً من أجل تسيير مرافق الدولة، وهو اليوم كذلك محور متابعة صندوق النقد الدولي أقله في التعيينات المالية المزمع انجازها قريبا ولأن حكومة مواجهة التحديات هي حكومة تكنوقراط تبقى العين عليها وعلى خطوة تعييناتها والأصول المعتمدة وخلفية المرشحين والآلية المعتمدة في ذلك.
جريصاتي: الوزير صاحب الصلاحية
ويؤكد وزير العدل السابق سليم جريصاتي لـ «اللواء» ان «منطلقات رئيس الجمهورية ميشال عون هي منطلقات دستورية بحتة، فالرئيس أقسم يمين الإخلاص لدستور الأمة اللبنانية وقوانينها وبالتالي الدستور وفي المادة 66 منه يجعل الوزير رأس إدارته وهو المسؤول عن كل ما يخص وزارته وهذا يعني ان الوزير هو من يقترح في وزارته إذا كان وزير وصاية أو وزيرا في الملاكات التابعة مباشرة له، وهو من يرتئي تعيينه في مجلس الوزراء من الفئة الأولى او ما يعادلها عملا بالمادة 65 من الدستور وهو يقترح والمجلس المتولي السلطة الإجرائية في المادة 17 من الدستور هو الذي يبادر الى التعيين وفقا للثلثين عملا بالمادة 65 من الدستور».
ويضيف: «هذه هي الآلية الدستورية، أما وقد وضعت آلية في الماضي وكان وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية الوزير السابق محمد فنيش هو من فعل ذلك وقد وضعها كتوصية ولم يكن في إمكانه وضعها في اكثر من توصية لأن أي آلية اجبارية تخالف الدستور يعني صلاحيات الوزير وهي تقيد امكانية اقتراحه»، مشيرا الى ان «الرئيس عون اكد ان الوزير ليس مضطرا لاتباع آلية. فالوزير يطرح ولكن مع نبذات شخصية وأسباب تبريرية ومجلس الوزراء يدرس ويبادر الى التعيين وما من مانع لأن يستكين الوزير لأي آلية قبل الاقتراح فلا يجبر مجلس الوزراء نفسه بآلية وما من آلية الزامية في موضوع التعيين الا اقتراح الوزير المختص ومبادرة المجلس الى التعيين وفق الصلاحية الممنوحة في المادة 65 من الدستور والمقصود بذلك تعيينات الفئة الأولى وما يعادلها».
ويشير الى ان «هذا ما كان يحصل في الجلسات التي يترأسها رئيس الجمهورية معلنا ان الوزير يعرف الشخصية المرشحة وكفاءتها وان المعايير الدستورية واضحة جدا؛ جدارة كفاءة استحقاق واختصاص. وهي الوحيدة وليفتش الفقهاء الجدد او المخضرمون المضللون في الدستور» .
ويضيف: «للوزير الحق في اجراء المقابلات مع المرشحين ومقابلة اكثر من مرشح والاطلاع على السير الذاتية وانما يذهب الى مجلس الوزراء بأسماء محددة يقترحها واذا خير المجلس بأكثر من اسم فلا مانع من ذلك اذا كان هو من خير ولكن لا يلتزم بآلية في مجلس الوزراء في هذا المجال. وهذه صلاحية للوزير واي تنظير واتهام اخر بالمحاصصة ليس صحيحا»، ويشدد على ان «هناك من يحمل صفارة إنذار لإدارة اللعبة السياسية وهو رئيس الجمهورية».
ويلفت جريصاتي الى انه «عندما تم اعتماد الآليات مؤخرا توقفت التعيينات والوزير هو رأس ادارته انما لا يمكنه ان يجبر المجلس على اقرار الآلية وكل مشروع حتى وان كان يتصل بمشروع قانون ينظم اعمال مجلس الوزراء يقيد سلطة الوزير في الرقتراح وهو مخالف للمادة 66 من الدستور لأن سلطة التعيين هي لدى مجلس الوزراء مجتمعا وهنا أتحدث عن اكثرية الثلثين وفق المادة 65 من الدستور»، مذكراً بإن «رئيس الجمهورية بادر الى طلب تفسير المادة 95من الدستور في موضوع التوزيع الطائفي والتوازن والوفاق الوطني والمناصفة».
حاصباني: الآلية تحصّن الكفاءة
اما نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني والذي كان يكرر دائما ضرورة اعتماد الآلية الشفافة في التعيينات فيرى انه «يعود للوزير المختص رفع الأسماء انما يجب ان تكون الأسماء كفوءة وتتمتع بالخبرة»، معلنا انه «في غالب الأوقات الاتفاق السياسي هو الفيصل»، ويرى هنا انه «يمكن للموظف الذي يتحلى بدعم سياسي او حزبي ان ينجح في مهمته بسبب كفاءته لكن النسبة قليلة خصوصا ان هذا الموظف قد يشعر بإرتهانه السياسي في مكان ما».
ويقول حاصباني ان «اعتماد معايير الكفاءة والخبرة في الألية التي يعرضها الوزير أساسية وتنطلق الخبرة مما قدمه المرشح في سنوات عمله، كما انه من الضروري قيام نوع من الفرز للذين تقدموا بطلبات لملء المركز الشاغر وهذا الفرز مبني على المواصفات التي يتمتع بها المرشحون.»
واذ يؤكد ان «الكلمة الفصل تعود الى مجلس الوزراء يشير الى انه من الضروري وجود ألية منعا لأي سوابق على ان تعتمد في كل الوزارات»، مشيرا الى ان «ما تم اعتماده في وقت سابق في التعيين في بعض الحكومات لم يضف كثيرا لكنه ادى الى نتائج افضل من غيرها حتى وان لم تكن كاملة في التطبيق او مثالية.»
ويكرر ان «وجود الألية مع المعيار الواحد القائم على الشفافية يسمح بالتوازن»، معلنا ان «ما من مانع يحول دون ان تقوم جهة ممكن ان تكون مجلس الخدمة المدنية في عملية المساهمة في تقييم المرشحين لمساعده الوزير في الأختيار ومطابقة مواصفات المرشحين في وظائف الأدارة المطلوبة».
«الدستور يجيز للوزير رفع الأسماء ولا يحق لأحد التدخل»، هذا ما يقوله حاصباني الذي يرى ان «الآلية الموحدة تدفع الى تفادي الخيار على اسس غير سليمة»، مشيرا الى ان «الأهمية تكمن في طرح الألية المفصلة كقانون لكن لم ينجح الأمر».
ويلفت الى ان «الآليات لا تنتقص من صلاحية الوزير في رفع الأسماء انما تحدد موضوع تقديم الطلبات بشكل شفاف لمعرفة الأكفأ لهذا المنصب او ذاك»، مشيرا الى ان «مهمة الهيئة الناظمة لقطاع الإتصالات هي اجراء تحاليل ودراسات وللوزير الحق في تعديلها او رفعها وكذلك بالنسبة الى أية اسماء للتعيين .»
ويذكر بأن الوزيرة مي شدياق كانت وراء موضوع القانون، ويوضح ان «التعيينات في اغلبها كانت تسير بعد التوافق السياسي ودفعات منها مرت على طريقة المحاصصة»، مؤكداً أن «الآلية تحرر الموظف من التحكم السياسي به».
ويقول: «ليس المقصود تعديل الدستور انما المحافظة على دور الوزير في رفع الأسماء على الا يترك للمزاج السياسي التحكم في الاختيار»، مؤكدا ان «الآلية الموحدة هي المطلب للألتزام بها في طريقة الأختيار واعلان الوظائف».
ويتابع:«ان ما اقدمت عليه وزيرة الإعلام منال عبد الصمد في موضوع الإعلان عن تعيينات تلفزبون لبنان جيد، وكان الوزير ملحم الرياشي قد اعتمد الإجراء نفسه انما لم ينجح لأسباب باتت معروفة».
ويعيد التأكيد ان «المعيار العادل في التعيين هو الأساس دون اي تدخل»، مشيرا الى انه «يفترض بحكومة التكنوقراط إصدار تعيينات مستقلة اذ ما يطبق عليها لا بد من ان يطبق على الموظفين الذين تعينهم ايضا» .