أيّام قليلة تفصلنا عن 15 أيّار موعد إجراء الانتخابات النيابيّة المقبلة وهناك الكثير ممّا يستدعي القلق إذ تفتقد العناوين الانتخابيّة وبرامجها والحالة اللبنانيّة عموماً إلى فكر سياسي بنّاء، ليس لأنّ لبنان لا يمتلك هذه العقول المفكّرة بل لأنّ هذه العقول نفسها زاهدة في البلد وناسه فيفتقد الواقع اللبناني مشروعاً انتخابياً واحداً واضح المعالم على طريق بناء دولة واضحة المعالم تقوم على أنقاض هذه الدولة الفاسدة من ساسها إلى رأسها، وحتى الساعة لم نسمع إلا عناوين متصدّعة لا تتجاوز كونها مجرد شعارات لم تسعَ حتى لامتلاك أدوات تخاطب بها العالم بوضوح وشفافيّة ومنهجيّة، وفوق الخيبة والعجز عن التغيير يريدون أن يقنعوا الشعب اللبناني أنّ إجراء انتخابات نيابيّة تحت وطأة السّلاح وسيطرته على مساحة واسعة جداً من الأرض اللبنانيّة هو باب على التغيير،
أمام تردّد وتكرار مخاوف الحديث عن اضطرابات أمنيّة قبل الانتخابات أو بعدها أو خلالها ما يزال الخوف الحقيقي هو السؤال ما بعد الانتخابات إلى أين، يستمرّ البلد في غرقه على جميع مستوياته في وقت الأفق اللبناني فيه مسدود ومن المؤسف أنّ دول العالم فعليّاً وجديّاً لا تفهم اللعبة اللبنانيّة الإنتخابيّة لذا تعقد الأمل على التغيير الانتخابي في ظلّ وجود فريق يمتلك السلاح ويسيطر على القرار ويمتلك تمويل دولة تمدّه به وتمكّنت بواسطته من احتلال لبنان وإضعاف كلّ مؤسسات دولته وتدمير إقتصاده وفجّرت مرفأه ورفعت وتيرة الهجرة بين أبناء شعبه حتّى بلغ إحساسهم بالعجز والخيبة حدّ التيقّن أنّ الأمل مقطوع نهائياً من إمكانيّة إحداث أي تغيير عن طريق إجراء انتخابات نيابيّة تحت وطأة السّلاح، وأخشى ما نخشاه أن تكون نتائج هذه الانتخابات هي الشوط النّهائي قبل الاستسلام النهائي!
حتى الآن المشهد اللبناني لا يُصدّق، مشهد ضبابي مخيف لا يستطيع أحد معه أن يقرأ الأحداث المقبلة على لبنان وحده الله يعلم ما تخفيه الأيام المقبلة بعد الانتخابات، اللعبة أقفلت في وجه اللاعبين وكلّ الأفرقاء تضافرت جهودهم لإيصال البلاد إلى هذه اللحظة وكأنّ اللبنانيّين لم يشبعوا أكاذيب ونهباً وسرقة وفساداً وإفساداً فيسارعون للتّرويج لهذا أو ذاك من بوّابة خدماته إلى حدّ يدفعك للتّساؤل إلى هذه الدّرجة اللبناني رخيص عند هؤلاء وبعد كلّ ما يعيشه هذا الشّعب وما تعرّض له هذا كثير جداً؟ أيّ شعب آخر في العالم يعجز عن احتمال هكذا دولة، لم يمرّ زمن حتى تخون اللبناني ذاكرته، مجدّداً نجد أنفسنا نتحجّب من أنّها ليست المرّة الأولى التي يتواطأ اللبناني بها على نفسه ووطنه مع أنّ فئة صامتة لا تريد سوى “حجّ خلاص” من هذا الواقع اللئيم الذي يؤكد أنّ اللبناني ميؤوس منه وأنّ حال البلد من الصّعب أن يتغيّر ما دام الفرقاء أنفسهم يشمّرون سواعدهم للقبض على السّلطة من جديد، وأنّنا أمام نوعيّة من الشّعب والمسؤولين تمارس بالتكافل والتضامن أكبر عملية خداعٍ واحتيال في تاريخ لبنان وشعبه إسمها تجديد الحياة الدّيموقراطيّة !!