هل يجب اللجوء دائماً الى العنف لتغيير نظام ما، او تحقيق مطالب وحقوق ترفض السلطة تحقيقها، ام ان النضال السلمي الذي ترعاه الامم المتحدة منذ العام 1948 ووضعت له وثيقة حقوق الانسان التي كان للبنان مشاركة مؤثرة عن طريق مندوبنا الى الامم المتحدة المرحوم شارل مالك، كاف للوصول الى هذا الهدف بدلاً من سفك الدماء في ثورات وحروب مؤلمة وموجعة وغير مضمونة النتائج؟
يحضرني في مناسبة التعليق على ما جرى من احداث يوم السبت الماضي بالقرب من مجلس النواب، وعلى ما حصل في شارع الحمراء وتفرعاته وقبلهما في مكان اخرى، حيث وقعت اشتباكات واعمال شغب بين متظاهرين وقوى الامن، سقط نتيجتها العديد من الجرحى بين الطرفين، التجربة التي قام بها المهاتما غاندي الذي حرر بلاده الهند من الاستعمار البريطاني باللجوء الى المقاومة المدنية السلمية، ونلسون مانديلا الذي سجن 26 سنة على ايدي المستعمرين البيض في جنوب افريقيا، وانتخب رئيساً للجمهورية ووجد ان طريق السلام بين البيض والسود يكون بالحوار والنضال السلمي، وليس بالعنف والثأر وطرد البيض.
في شارع الحمرا، وفي ساحة النجمة، كان هناك حالة جنون، ليست من شيم الانتفاضة ولا من ثوابتها ومبادئها، واي قول آخر، او تبرير لما حصل من مواجهات بين قوى الامن، وعناصر لبست لبوس الانتفاضة لتصل الى ساحة النجمة وتحرشت بقوى الامن لتحقق صداماً مطلوباً استمر اكثر من ست ساعات، وقع بنتيجته مئات الجرحى، وتم تدمير الارصفة والاشجار واشارات المرور والعديد من المحال التجارية، هو كلام مردود الى اصحابه، لانه تبرير غير صحيح وفي غير مكانه الصحيح، وقد اثبتت جميع الكاميرات التي وثقت خطة التحرش بقوى الامن بالصوت والصورة، وفي معلومات امنية واعلامية ان اكثر من ثلثي المتظاهرين الذين كانوا متوجهين الى ساحة النجمة للاعتراض على مهزلة تشكيل الحكومة، وتنديداً بمواقف السلطة السياسية الملهية بالحصص وبتقاسم المغانم الوزارية، عادوا اما الى بيوتهم او الى ساحات اخرى، وبقي العناصر الذين افتعلوا المشكل، ويتردد ان مخابرات اقليمية تقف وراء تمويلهم وتحريضهم ونقلهم من مناطق عدة الى وسط بيروت، وهذه العناصر غير تابعة لتيار المستقبل ولم تأت لنصرة سعد الحريري.
***
مما لا شك فيه ان قوى الامن تجاوزت القانون ليس بالرد على المشاغبين، بل بضرب من القت القبض عليهم، ضرباً مبرحاً، مخالفة بذلك الدستور اللبناني وشرعة حقوق الانسان التي تنص على ما يأتي : حق التظاهر والتعبير، حق اساسي، ولكن العنف ضد المتظاهرين غير مسموح ويعاقب عليه، ولكن في الوقت ذاته يعتبر تعدي المتظاهرين على قوى الامن واهل الاعلام والاملاك الخاصة والعامة، نوعاً من انواع التعسف المدان..
الانتفاضة مدعوة الى التنبه اكثر وإبعاد المشاغبين عنها اذا كانت تريد عدم خسارة روحها.