IMLebanon

المنتفضون… “الزوج المخدوع” لسلطة لا تُطيق نفسها!

 

 

في لعبة الصراع على الحصص داخل حكومة الرئيس المكلف حسان دياب، برزت جملة مؤشرات لعل ابرزها وأوضحها، إدارة الظهر وعدم ايلاء مطالب الانتفاضة اي اهتمام، او حرص على تلبية مطلبها المتصل بحكومة مستقلين، على ان ما شغل المنهمكين في المحاصصة، اي ابرز اسباب انفجار الانتفاضة، هو اعادة تقاسم الحصص داخل الحكومة، وهو ما سمح بتسلل اللواء جميل السيد الى عملية التشكيل، طالما أن الساحة الحكومية مفتوحة لمن يقبل بالمحاصصة ويقدر على فرض ما يفترضه من حصة وزارية، وليس خافياً الصراع بين الوزير السابق سليمان فرنجية والوزير في الحكومة المستقيلة جبران باسيل، وقد نجح فرنجية الى حد ما في منع باسيل من نيل الثلث المعطل، مستفيداً من عدم ارتياح “الثنائية الشيعية” لمطلب باسيل، والسبب غياب الرئيس سعد الحريري عن الحكومة، فضلاً عن “القوات اللبنانية”، تلك القوى التي كانت تعفي “حزب الله” من كبح جماح باسيل في مجلس الوزراء، ومع غيابهما عن الحكومة المزمعة، لا بد من تغيير المعادلة التي لن يسمح “حزب الله” ان يعطي باسيل في الحكومة ما كان سمح به في الحكومة السابقة، ولو ان “حزب الله” كان لديه في وزراء “التيار الوطني الحر”، من يوالونه اكثر من ولائهم لباسيل، بحيث كان يضمن مسبقاً عدم قدرة باسيل على استخدام هذا الثلث عملياً داخل مجلس الوزراء.

 

المسألة المستجدة في هذه الحكومة المزمعة، كان دخول النائب جميل السيد كطرف فاعل في عملية التشكيل، وهو ما اغضب الرئيس نبيه بري الذي يدرك بعد 28 عاماً من توليه رئاسة مجلس النواب، ان الاقرار بدور للسيد في عملية التشكيل، بمثابة الخطوة الاولى الفعلية لضرب موقع الرئيس بري ليس في رئاسة مجلس النواب فحسب، بل على المستوى الشيعي والسياسي على وجه التحديد.

 

لم يألف الرئيس بري وجود شخصية شيعية يمكن ان يكون لها دور سياسي مقرر في ظل سلطته، طبعاً السيد حسن نصرالله هو شريك وقد جرى تنظيم هذه الشراكة برعاية ايرانية في ما بعد العام 2005 حين خرج الجيش السوري من لبنان. لكن دخول طرف ثالث هو خط احمر لن يسمح به بري الا مرغماً.

 

لم يكن “حزب الله” مستاءً من دخول السيد الى ملعب التأليف، لا سيما ان هذا الدخول تم بتشجيع من رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن علاقة نشأت للسيد وتطورت مع الرئيس المكلف حسان دياب، واتاح انكفاء الحريري عن المشاركة، فرصة لتناتش الوزراء السنة بين بقية اقطاب الممانعة، وما جعل الرئيس بري يستشيط غضباً، ما تردد عن تسميته وزير الداخلية السني، وهو ما سبب ردة فعل شعبية سنية رافضة، ادت الى اعلان الاسم المرشح من قبل السيد، انه خارج البورصة.

 

دور سوري جديد؟

 

الاقتراب من التأليف تقدم مع ما يُعتقد ان اعادة ترتيب الحصص الوزارية، قد وفرت تراجعاً لحصة باسيل من الثلث المعطل الى خمسة وزراء، واستعاد الرئيس بري روعه بعد تراجع وانكفاء دور النائب السيد على الاقل بما يتصل بخروج مرشحه السني لوزارة الداخلية من السباق، من دون ان يعني ذلك خروجاً نهائياً، لكن النائب السيد، ابدى في موقف يعكس نوعاً من الخيبة من دور “حزب الله” امس حين دعاه الى “نفض يده من تشكيل الحكومة” وترك “الوسخ السياسي في يد اصحابه”. على ان محاولة التلويح بدور سوري جديد في لبنان، لم يكن خارج دور “حزب الله”، واعادة احياء دور الاسد في عقول البعض، جاء في سياق التلويح بمخاطر الخروج من سطوة “حزب الله” في لبنان من جهة، وفي سياق تغطية دخول قوى الى الحكومة يريد “حزب الله” التنصل من مسؤولية دفعها للدخول في البازار الحكومي من جهة ثانية.

 

غير ان الحديث عن عودة نفوذ نظام الاسد في بيروت يحول دونه، واقع حال النظام نفسه ليس في سوريا انما داخل دمشق نفسها، فدون طموح التأثير في لبنان، خطوات كثيرة تتصل بقدرته على مواجهة المخاطر التي تحدق به داخل سوريا وقدرته على التصدي للازمات الاقتصادية والمالية المتفاقمة في هذا البلد وفي بيئته.

 

تشكيل الحكومة الذي بات على قاب قوسين او ادنى بحسب مصادر الأكثرية النيابية، يخالفها النائب السيد الذي تحدث عما يشبه النعي له، وان كان ينعاها حتى لو تشكلت.

 

بالطبع كل هذا الخلاف على الحصص داخل فريق الاكثرية الحكومية، يكشف عن امرين لا ثالث لهما، اما ان اطراف الاكثرية باتوا يتطلعون الى البحث عن مواقع في معادلة جديدة بعد ادراكهم ان معادلة الحكم التي قامت مع وصول الرئيس عون انتهت، او ان هذا الفريق بات معنياً بحسابات التشبث بحصصه داخل الدولة ولو ادى ذلك الى مزيد من الانهيار. وفي كلا الحالين فان السلطة التي تغرد خارج سرب الزمن وخارج ما يطلبه المنتفضون، باتت تعلن على طريقتها انها عاجزة عن الاستمرار في محور المقاومة وتحت عباءة نصرالله.