IMLebanon

الأكلاف المتراكمة للأزمة أكبر من أن تحصر والفراغ قد لا يمرّ دون تغيير صيغة لبنان

تثير العملية العسكرية الجديدة التي اطلقها “حزب الله” في القلمون السورية مخاوف سياسية وديبلوماسية على لبنان من تداعيات قد لا ترقى ربما الى ادخاله في الحرب مباشرة لكن من دون استبعاد عمليات عسكرية انتقامية على غرار ما حصل بعد المعركة السابقة في القصير والقلمون العام الماضي حيث استهدفت مناطق الحزب بعمليات تفجير، في حين ان جهدا سياسيا وديبلوماسيا كبيرا يستثمر من اجل المحافظة على الاستقرار وعدم تحميل الجيش اللبناني اعباء اضافية. فالكلفة على لبنان تغدو على تزايد في ضوء هذه التطورات كما في ظل العجز عن الاتفاق على انجاز الانتخابات الرئاسية فيما لا يبدو ان الافرقاء اللبنانيين مستعدون للتقدم في هذا الموضوع ولا يبدو انهم يملكون ادنى فكرة عن كيفية او طبيعة المخرج من المأزق. وهذه الكلفة باتت مقلقة كونها باهظة جدا من زوايا عدة:

الكلفة المباشرة التي يحاول بعض السفراء تسييلها امام بعض المسؤولين والافرقاء اللبنانيين تتصل بواقع ان استمرار الشغور في سدة الرئاسة الاولى وجمود الوضع السياسي مكلف على لبنان لجهة العجز عن توقيع قروض مالية يحتاج اليها لبنان في مجالات كثيرة. وتطمح جهات عدة الى محاولة معرفة قيمة ما يخسره لبنان على هذا الصعيد خصوصا ان هناك ثمنا اخر يدفعه استتباعا يتصل بغياب الاستثمارات او محاولة التوظيف في الاقتصاد اللبناني، لعل في توضيح ضخامة الارقام على هذا الصعيد ما قد يشعر الافرقاء السياسيين بالذنب او الخجل ازاء الكلفة التي يرتبونها على البلد نتيجة ادائهم الذي لا يسمح بانجاز الاستحقاق الرئاسي. يضاف الى ذلك الكلفة التي يتحملها لبنان من تداعيات الازمة السورية على الصعد الاقتصادية والانسانية والاجتماعية والتي لا يعتقد انها قابلة لان تنتهي في المدى المنظور في الوقت الذي يبدو بناء سياسات على اساس مواقف حادة من النزوح واللاجئين مكلفة للواقع اللبناني الداخلي السياسي وغير السياسي على المديين المتوسط والبعيد.

وثمة ما يثير استغرابا ديبلوماسيا يتصل بربط افرقاء مسيحيين انفسهم او بتحالفهم مع افرقاء لهم اجندات او روزنامات استراتيجية مختلفة وبعيدة المدى بغض النظر عن طبيعتها، في الوقت الذي لا تبدو الرئاسة اللبنانية وحدها على المحك فحسب بل قد يكون الوضع اللبناني كله ايضا فضلا عن حراجة الوضع المسيحي في المنطقة. فالتحالفات السياسية ليست موضع انتقاد في حد ذاتها بل واقع ان الافرقاء المسيحيين يعملون على مصالح صغيرة ومحدودة وضيقة في الوقت الذي تتراكم فيه امور اكبر على المحك. فالرئاسة المسيحية تبدو رأس جبل الجليد لمجموعة ازمات جوهرية وكبيرة تتفاعل بحيث ليس واضحا او مؤكدا ان الانتخابات متى حان وقت الاتفاق عليها يمكن ان تمر من دون اعادة صيغة لبنان او وضع التركيبة السياسية على المحك، ولا يرى احد اين قد تكون مصلحة للمسيحيين في ذلك اذا كان ثمة غض طرف عن هذا الاحتمال او تجاهل له او عدم تقدير انطلاقا من ان الرفض التكتي لاي سعي الى تغيير جذري قد لا يكون يعبّر عن حقيقة ما تتجه اليه الامور. فهناك استخفاف في التعامل مع التحديات التي تواجه لبنان عموماً في وقت يقف الخارج عاجزا عن المساعدة ربما باستثناء تخفيف بعض الالام او الصعوبات التي يمر فيها. وهذا العجز قد يكون اصطدم به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لدى استقباله اخيرا سفراء الدول الكبرى المعتمدين في لبنان الى جانب ممثلة الامم المتحدة لجهة ان ايا من الدول المؤثرة لا تملك فعلا ما تستطيع تقديمه او مساعدة لبنان به على صعيد الموضوع الرئاسي في الوقت الذي لا يزال الافرقاء اللبنانيون يملكون القدرة على انتزاع جزء مهم من هذه الورقة من يد القوى الاقليمية من خلال الذهاب الى اتفاق او توافق داخلي يخرج هذه الازمة مما هي عليه وتسمح بوصول رئيس من المرجح الا يؤدي وصوله الى حل المشكلات او التحديات التي تواجه لبنان لكنه يساعد في منع الانهيارات وتدحرجها نحو مزيد من التعقيدات. وينسحب الاستغراب على عدم وجود رأي عام داخلي يدفع في هذا الاتجاه على اي صعيد ان في الشارع او في الاعلام او عبر وسائل التواصل الاجتماعي من اجل اشعار الافرقاء السياسيين بضغوط داخلية حقيقية تحت وطأة التعرض للمحاسبة في الانتخابات المقبلة او اي استحقاق كما ينسحب على رمي الافرقاء السيياسيين الكرة في ملعب القوى الاقليمية في تخل مثير للدهشة عن قدرة داخلية على ادارة البلد والرغبة بذلك تحت وطأة الرغبة في عدم تحمل المسؤولية والقائها على الاخرين. ولذلك، فإن المراوحة في موضوع الاستحقاق الرئاسي عند النقطة التي لا يزال عندها حين فتح قبل ما يزيد على سنة ونصف السنة حتى الان مكلف للبنان كما للمسيحيين على نحو خاص، ولو انه بات مفتوحا راهنا اقله حتى الان وفي سياق الجدل الداخلي على صفقة متكاملة تربط بين رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وما الى ذلك، على رغم ان اي افق حقيقي ليس واضحا في هذا الاتجاه. لكن بعض الاوساط الديبلوماسية تشير الى ان بعض الافرقاء يغفلون في الجدل حول التعيينات التي تطاول مراكز امنية مدى تعويل الخارج ونظرته او مدى رهانه على الجيش في المرحلة الحالية كما المهمات الموكلة اليه في المحافظة على الاستقرار حيث يبدو ان سياسة المصالح الضيقة تحكم المواقف في هذا الموضوع شأنها في ذلك شأن التعاطي مع موقع رئاسة الجمهورية.