IMLebanon

الفاتيكان جرعة تفاهم لا بدّ منها لانتخابات رئاسة الجمهوريّة…

 

 

في ظل الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية، أتت الصلاة البابوية بداية الشهر الجاري لتضع لبنان ضمن الرعاية الفاتيكانية، لتبصر حركة خارجية نحو الداخل المتشرذم والغارق في التجاذبات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتمسك كل طرف بما له من خيارات قد تكون إانتحارية، في حال الإصرار على إغلاق أبواب الحوار، التي يحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري فتحها بين حين وآخر.

 

وأشارت المعلومات إلى أن “هناك حراك فرنسي – فاتيكاني تجاه بكركي، لما لها من دور تاريخي في الأزمات المفصلية التي تواجه لبنان، في محاولة لخلق حالة مسيحية جامعة في ظل الإنقسام المسيحي العمودي، في بلد يعتبر الحاضنة المسيحية الأهم في الشرق المتوسط، هذه الحالة جعلت من أجل خلق حالة بديلة عن التيار الوطني الحر، صاحب الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان اللبناني، وإعادة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى دور البطريرك الجامع للجميع تحت مظلة بكركي، لا أن يكون متحيزًا لطرف دون الآخر، من خلال طروحات لم تكن قادرة على الصمود أمام المتغيرات الإقليمية، كدعوة الحياد والمؤتمر الدولي.

 

ولفتت المعلومات إلى أن “أولى تمنيات هذا الحراك هو فتح قنوات التواصل مع حزب الله، لما له من دور وطني وإقليمي”، وهو ما أثبتت التجربة على أنه لا يمكن تجاوز دور حزب الله في أي استحقاقات داخلية أو معادلات خارجية، وأنه الرقم الصعب في السياسية الداخلية، واللاعب الذي يتميز بطول نفس وصبر استراتيجي في الملفات المصيرية التي تتعلق بلبنان، في مقابل “أخذ ضمانات بابوية للبطريرك الراعي بجعله اللاعب الأبرز على الساحة المسيحية بشكل جامع، مع تقديم ضمانات تتعلق بمخاوف الراعي من تحركات حارة حريك”.

 

العلاقة بين بكركي وحارة حريك، لطالما تميزت بأخذ ورد وتجاذبات وسجالات، ولكنها لم تفقد الاحترام في يوم من الأيام حتى في خريف هذه العلاقة، حيث أكدت المعلومات على لقاءات بناءةٍ تخاض بين الطرفين برعاية النائب فريد هيكل الخازن، بهدف التأكيد على أهمية دور حزب الله في اختيار الرئيس إلى جانب محورية البطريركية المارونية والغطاء المسيحي للرئيس أيًا يكن، وذلك لحفظ الميثاقية الرئاسية.

 

هذا الانفتاح سيمكن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من التخلص من السقوف العالية التي وضعها في الانتخابات الرئاسية، بحجة سير البطريرك بالمرشح، في مقابل ضغط بطريركي على معراب بهدف حثها على المشاركة في الانتخابات الرئاسية مع إعطائهم تعويضات حكومية على المستوى المطلوب، وهذا ما انعكس بالتهدئة الإعلامية بين الجميع في انتظار تبلور التحرك الفاتيكاني – الفرنسي.

 

يتمشى مع كل هذه الحركة الديبلوماسية، حراكٌ من نوعٍ آخر بين مرجعية سياسية مقربة من حزب الله على تواصل دائم مع الديبلوماسية الفرنسية في الداخل والخارج من خلال السفير الفرنسي في بيروت، وهذا اللقاء الذي عقد إن دل على شيء، فإنه يدل على إعطاء زخم لكل المبادرات المذكورة أعلاه لتتمشى مع كل الاتصالات الجارية المحورية، لا سيما مع الداخل. يذكر أن هذه المرجعية السياسية المقربة من حزب الله يشهد لها بسلاستها وديبلوماسيتها تجاه دولة فرنسا، وهي التي تعطي فرنسا الإطمئنان الزائد لتحركها في لبنان، وليس كغيرها من السفارات الباقية على كل الصعد الأمنية والسياسية والديبلوماسية، وهذا المشهد يعطي زخمًا واندفاعًا لكل الإتصالات الجارية في الوقت الراهن.

 

في المحصلة، يبدو أن التوافق هو المصير النهائي في سبيل انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل التوازنات البرلمانية التي لن تفضي إلى إمكان تمرير رئيس دون حوار حول ثوابت الرئيس وخطة عمله، لأن أي رئيس يفرض من طرف واحد سيكون رئيس تحد لا يمكنه التواصل مع باقي الأطراف، مما سيؤسس إلى 6 سنوات جديدة من التعطيل، وسينعكس سلبًا على الأزمة الاقتصادية إن كان في موضوع التلزيمات النفطية أو المفاوضات مع الصندوق النقد الدولي.