IMLebanon

الفاتيكان.. زيارة لاتُقدّم ولا تؤخّر

 

 

لا وزن حقيقيا بالمعنى السياسي للتّحرك الفاتيكاني باتجاه لبنان مع انتهاء زيارة الرجل الثاني في الفاتيكان بييترو بارولين إلى بيروت، سوى زيادة هواجسه من تفكك الشارع المسيحي الذي يسهّل تآكل حصته، مع أن الفاتيكان عايش هذا الانقسام منذ سبعينات القرن الماضي ودمويتها بين المسيحيين بعضهم البعض، بصرف النّظر إذا ما انتخب المجلس النيابي رئيس الجمهوريّة الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة، في وقت المنطقة فيه أصلاً ترتجف قلقاً مع تزايد الحديث عن ارتفاع نسبة مخاوف امتداد نيران الحرب وتوسعها من الرقعة الضيقة في الجنوب إلى لبنان، وهذا ما تحدّث عنه قبيل اجتماع وزراء خارجية التكتل في لوكسمبورغ يوم أمس مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل محذّراً من “إن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع إلى لبنان، ويتزايد خطر تأثير هذه الحرب على جنوب لبنان وامتدادها يوما بعد يوم”.

 

في هذه الحشرة لا يزال التلهّي بدوّامة فراغ حلقة انتخاب رئيس لجمهوريّة وهميّة يفرضه حزب إيران على لبنان وبتضييع الوقت هذا والتكاذب ربما صار لزاماً القول بوضوح أنّ تسوية اتفاق الطائف ماتت منذ سقطت مضرّجة بدماء الرئيس رفيق الحريري عام 2005 ثمناً للصراع الإيراني ـ السعودي / الأميركي على العراق، وصولاً إلى سقوط “تسوية الدّوحة” وبعدها “اتفاق بعبدا” الذي تمّ تسجيله في الأمم المتّحدة ولاحقاً خديعة الكذّاب جبران باسيل بانقلابه على “تسوية معراب وبيت الوسط”، وتكرار نفس لعبة التعطيل المستمرّ منذ العام 2006 على حزب الله التي لا تزال تفرض التعطيل على الحياة السياسيّة التي نص عليها الدستور اللبناني وتعطّلها لحساب الدّستور الإيراني!

 

ما يحدث مجرّد أوهام بحث عن تسوية تطيل عمر الأزمة أو عمر لبنان، وللحقيقة قد تكون الحرب هي المفتاح الحقيقي لتسوية المنطقة، لأنّ مفتاح حلّ الأزمة اللبنانيّة ليس في انتخاب رئيس للجمهوريّة سواءً جاء الرّجل الثاني في الفاتيكان أم ذهب جان إيف لودريّان إلى الفاتيكان ثمّ عاد وسواء اجتمعت اللجنة الخماسيّة ولم تعلن حقيقة فشلها، ومهما تعدّدت المبادرات وأسماء المبادرين، حلول أزمات لبنان لا مفاتيح لها وأصعبها على الإطلاق الأبواب السياسيّة الصدئة الموصدة بألف قفل وقفل!

 

لبنان كيان تاريخي ولكنّه كيان معلول لا يموت ولا يعيش بصحّة تامّة، كلّ بضع سنين تنتكس حاله كلّما تغيّرت المعادلات الإقليميّة في المنطقة، سواء أعجبنا أو لم يعجبنا هذا هو الواقع الذي يسمّون “تسوية” ويتفاخرون بأنّ لبنان بلد التسويات، وكلّ تسوية منها تنتهي بحربٍ صغيرة أو كبيرة! للحقيقة الوضع واقعاً ومستقبلاً في علم الغيب ومفاتيح الحلول في يد علّام الغيوب سبحانه.