أبدى قداسة البابا فرنسيس خوفاً على المكوّن المسيحي في لبنان، وهو خوف في مكانه ويتناول الوجود والدور وقد دخلت عوامل متعددة في هذا المجال أدت إلى إضعاف المسيحيين، منها ما هو على علاقة مباشرة بهم ومنها ما يتعلق بتعاطي باقي الفرقاء والطوائف والمذاهب معهم.
تقاتل المسيحيون بين بعضهم البعض فأضعفوا أولاً القوة العسكرية التي كانوا يتمتعون بها، ولكن الأهم أن هذا القتال أضعف من قدرتهم على المقاومة السياسية ولا سيما بعد دخول الجيش السوري إلى المنطقة الشرقية وتولي الوصاية السورية تنفيذ اتفاق الطائف، فعُزلت بطريقة أو بأخرى كل المكونات المسيحية الشعبية، ولكن ذلك لم يثنها عن مقاومة أخرى بأوجه متعددة إلى أن أثمرت أن مكونات لبنانية أخرى إنضمت إليهم من السُنة والدروز مرفقة بدعم دولي أثمر القرار 1559، الذي بموجبه خرجت القوات السورية من لبنان ولكن بثمن كبير كانت إشاراته الأولى اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليتفاقم من بعده مسلسل الاغتيالات.
كان يفترض بالمسيحيين أن يخرجوا من الوصاية السورية موحدين تجاه الأهداف وفي مقدمها بناء دولة قوية صاحبة قرار تحفظ حقوقهم وحقوق غيرهم.
فالمسيحيون ليسوا قادرين على تشكيل ميليشيات والقتال مجدداً لأن كل الإمكانات التي تتيح ذلك ليست متوافرة، لا العديد ولا السلاح ولا التمويل، ولكن بدلاً من ذلك ذهب جزء مهم منهم باتجاه اللادولة على أمل بناء الدولة وسيادة القانون، ولكنهم فشلوا وهي نتيجة منطقية لخيار غير منطقي.
اليوم يعيش المسيحيون في لبنان حالة من عدم التوازن السياسي والوجودي، ولا أمل في استعادة هذا التوازن في ظل انهيار الدولة ومؤسساتها وفي ظل وضع مالي واقتصادي صعب يدفعهم أكثر فأكثر إلى الهجرة، والأخطر في ظل عمل دؤوب لتغيير هوية لبنان من مختلف النواحي وهذا ما دفع الفاتيكان كي يبدي تخوفه على المكون المسيحي في لبنان، وقد لاقت بكركي هذا التخوف فرفعت مطلب مناقشة قضية لبنان في مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة.
إنه التكامل بين الفاتيكان وبكركي فهل فهمت القوى المسيحية الرسالة؟