الباب الخليجي موصد حتى حصول تغيير حقيقي في الموقف اللبناني
ارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي في عاصمة الشمال طرابلس، وغيرها من المناطق اللبنانية، يؤشر إلى مرحلة شديدة التعقيد تنتظر البلد ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات, حيث الاستعدادات متواصلة للقيام بعملية تصعيد واسعة، رفضاً للواقع القائم الذي لم يعد يحتمل، وفي ظل غياب فاضح للحكومة والمؤسسات الرسمية عن القيام بدورها في معالجة تراكم الأزمات التي ترخي بثقلها على اللبنانيين، بعدما ارتكبت الطغمة الحاكمة كل المحرمات بحق شعبها، فيما اللبنانيون يعانون الأمرين، في مواجهة الضائقة الحياتية والاجتماعية التي تعصف بهم، في حين أن الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات، لم يخفف من وطأة طوابير الإذلال أمام المحطات، توازياً مع استمرار صعود الدولار الأميركي الذي قارب، الـ18 ألف ليرة، مع ما واكبه من ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، بعدما بات اللبناني عاجزاً عن الحصول على أدنى متطلباته اليومية .
ad
وفيما عكس لقاء بابا الفاتيكان فرانسيس الأول مع قادة الكنائس في لبنان، اهتمام الحبر الأعظم ودوائر الكرسي الرسولي بالوضع في لبنان، فإن هناك شكوكاً في أن يستجيب المسؤولون اللبنانيون لنداء البابا في تغليب مصلحة البلد على مصالحهم الخاصة، بعدما سبق لهم وأفشلوا العديد من المبادرات التي كانت تدعوهم لتشكيل حكومة موثوقة قادرة على إخراج لبنان من أزمته . وقد ظهر من خلال كلام البابا أن هناك عتباً باباوياً كبيرا على الطبقة الحاكمة التي تجاوزت كل الحدود، وفشلت فشلاً ذريعاً في إخراج لبنان من مأزقه، وهذا ما يرتب عليها مسؤوليات كبيرة، لناحية الإسراع في التوافق على حكومة جديدة ينتظرها العالم، ليبادر المجتمع الدولي إلى مد يد العون من أجل مساعدة اللبنانيين على الخروج من النفق.
وتكشف مصادر روحية مسيحية، لـ«اللواء»، أن «الفاتيكان مستاء لما وصلت إليه الأمور في لبنان، وهو يشعر بألم مع ما أصاب اللبنانيين خلال السنتين الأخيرتين، وفي الوقت نفسه فإنه يحمل الطبقة السياسية مسؤولية أساسية عن وصول الأوضاع إلى ما وصلت إليه، وتحديداً في ما يتصل بـ«العجز الفاضح» عن تأليف حكومة منذ ما يقارب تسعة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها. وتسأل الدوائر الفاتيكانية استناداً إلى ما تقوله المصادر، عن الأسباب الكامنة وراء عدم حصول توافق داخلي بعد كل هذه المدة، على ولادة الحكومة من أجل المساعدة على إخراج لبنان من هذا المأزق الذي يتهدده بعواقب وخيمة.
وتشير إلى أنه «بعد لقاء قداسة البابا بالقيادات الروحية المسيحية، فإنه يتوقع أن يصار إلى ترجمة ما صدر من نتائج عن هذا اللقاء، لناحية ممارسة الضغوطات على المعنيين بعملية التشكيل، من أجل الدفع باتجاه إزالة العقبات من أمام الولادة، وإن كانت الأجواء حتى الآن لا توحي بقرب تصاعد الدخان الأبيض»، مشددة على أن «الفاتيكان يدعم جهود بكركي في ما يتصل المساعدة على إزالة العراقيل التي تحول حتى الآن دون أن ترى الحكومة النور، الأمر الذي يزيد المخاطر كثيراً على البلد وشعبه الذي يعاني الأمرين في ظل الظروف الصعبة للغاية التي يمر بها».
وفي مقابل الحركة الدبلوماسية الدولية القائمة، فإن لبنان وبعدما ما ظهر من عقم شديد من جانب قادته السياسيين، فإنه لم يعد محور اهتمام الخارج، بدليل استمرار الابتعاد الخليجي، والسعودي تحديداً عن مسار الأحداث في هذا البلد، بعدما أكدت أوساط خليجية، أن «أي تغيير في الموقف الخليجي تجاه لبنان، لن يحصل إذا لم يبادر لبنان إلى القيام بالخطوات الضرورية التي تؤكد فك ارتباطه بإيران من خلال جماعاتها، وبالتالي فإن لا مساعدات متوقعة في المدى المنظور، طالما لم يتحقق شيئ من هذا القبيل» .