بالايقاع نفسه وعلى وتر الحزب نفسه، عزف كل من جنرال بعبدا في روما وبطريرك بكركي في مصر، على ليلاه، لتبني على ما قيل تحاليل، وتنسج قصص واساطير، حول خلافات بين الصرح البطريركي و»البابوية» في روما، والتزام بكركي بتعليمات بابوية بالانفتاح على حزب الله ومحاورته، فيما وصف تغييرا في السياسة الفاتيكانية تجاه لبنان، انعكس اول ما انعكس في عودة الروح للجنة الحوار بين البطريركية المارونية وحزب الله .
فلجنة التواصل التي شكلت بقرار من البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير، هدفت لاقامة نوع من «ربط النزاع « في المسائل الخلافية، بين حارة حريك وبكركي التي رفعت سقفها يومها، وحزب الله الساعي لدخول الساحة السياسية الداخلية، في ظل وجود سوري تحكّم باللعبة يومها، والتي نجحت حتى الامس القريب في تهدئة اللهجة والخطاب وتخفيف الاحتقان اكثر منه حل القضايا العالقة بشكل جزري، نتيجة للتوازنات القائمة.
مصادر سياسية اكدت ان اعادة الحياة الى اللجنة حاليا بات مطلب الجميع اولا، ونتيجة المخاوف من حدوث خروقات امنية على شكل ما حصل بين الطيونة وعين الرمانة، وان تحت عنوان آخر، خصوصا بعد الحادث الامني الذي حصل قبل ايام من رمي لقنبلتين صوتيتين عند اطراف تلك المنطقة، بعد تعرض اللوحات الاعلانية لحملة «القوات اللبنانية» الانتخابية للاعتداء من قبل مجهولين، من جهة ثانية، دون اسقاط عامل الخوف من تبدل الاجواء الاقليمية لغير صالح «التيار السيادي»، ما سينعكس ربما مؤتمرا تأسيسيا، عشية استحقاق الانتخابات الرئاسية تشرين المقبل.
وتتابع المصادر، بان ما يثير القلق بشكل جدي هو كلام رئيس الجمهورية من الفاتيكان الذي حمل رسائل داخلية، اولها الى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وخارجية تعيد الى الاذهان كلامه من نيويورك عشية «ثورة 17 تشرين»، ما يدفع الى التساؤل حول حقيقة الموقف الفاتيكاني وانعكاسه على العلاقة بالكنيسة المارونية.
وتشير المصادر في هذا الخصوص، الى انه درجت العادة انه عند اي خلاف بين بكركي والحاضرة الفاتيكانية، كانت الاخيرة تسعى الى «تفعيل» دور سفيرها ودفعه الى واجهة الاحداث، وهو ما لا يحصل حاليا، اذ قلما اهتمت روما بدعم اطراف سياسية لمواجهة الكنيسة ، بحيث ما تبين التجربة . فهل يعني ذلك ان العلاقة بين البابا والبطريرك سوية؟
اوساط مقربة من الكنيسة تؤكد بما لا يقبل الشك، ان بكركي تتكلم باسم روما، التي تدرك جيدا المخاطر التي تتهدد الوجود المسيحي في لبنان، وهي واعية لاسبابه واهدافه، فللفاتيكان تواصل دائم واحتكاك مباشر بالملف اللبناني، عبر اكثر من دائرة، من خارج الاصطفافات اللبنانية ببعديها الداخلي والخارجي، ترفع تقاريرها الدورية الى المعنيين في الحاضرة الرسولية، ويطلع عليها البابا شخصيا حول الاوضاع في لبنان والمنطقة، وهي تلعب دورها الاساس في تحديد سياسة الفاتيكان تجاه لبنان، نافية بكل تأكيد ان تكون «كلمة بتاخذ وكلمة بتجيب» الفاتيكان، التي يبقى بابها مفتوح امام الجميع.
ورأت الاوساط ، وجود اتفاق دولي واضح من عواصم القرار في اعطاء حيّز وهامش للفاتيكان في اطار الحلول المطروحة في المنطقة، تجلى منذ زيارة البابا للعراق ولقائه السيد السيستاني وما حملته تلك الخطوة من قلب لموازين القوى، وهو ما تجلى ايضا في الدعم الدولي لطرح فكرة الحياد التي يتبناها البطريرك الراعي، ما يعني عمليا وجود اتفاق حول الثوابت والخطوط الحمر، نافية اي ربط بين ما سرّب منذ مدة عن ضغط فاتيكاني في مسألة حزب الله، وبين اعادة احياء لجنة التواصل بين بكركي والحارة، دون ان تستبعد توجه موفد بطريركي الى الفاتيكان للوقوف على حقيقة زيارة رئيس الجمهورية ومعرفة خلفية المواقف التي اطلقها.
وختمت الاوساط بنفي معرفتها بوجود موعد محدد للقاء بين قياديين من حزب الله وبكركي، واضعة الامر في اطار التكهنات الاعلامية غير الدقيقة، اقله في المدى المنظور، فالصرح ثابت على مواقفه لن ولم يساوم او يقايض، وهو ينطلق من اهداف وطنية، كاشفة «ان القصة وما فيها»، ان اجتماعا بين أعضاء لجنة الحوار بين الطرفين، عقد بعيد زيارة أمين سر الفاتيكان للعلاقات مع الدول المونسنيور بول غالاغر الأخيرة الى لبنان، لاعادة إطلاق الحوار، وتشكيل لجنة جديدة قد تشهد تعديلات على مستوى ممثلي الطرفين في الحوارات التي يجري العمل على ترتيبها، دون ان تكون هناك اي متابعة.