Site icon IMLebanon

قنبلة الفاتيكان

 

هل يمكن للمطران بولس عبد الساتر أن يفجر تلك القنبلة داخل الكنيسة دون اشارة، أو استشارة، البطريرك مار بطرس بشارة الراعي؟ هذا ـ أيها السادة ـ كلام الفاتيكان، وحيث تتقاطع المواقف الدولية: المنظومة السياسية القائمة ليست مؤهلة البتة لاجتراح، أو لادارة، مسار الانقاذ في لبنان. اذاً، دقت ساعة الرحيل…

 

لا مجال لتبرئة القوى الأخرى التي قاطعت القداس، كما لو أن ورقة التوت لم تسقط عن وجوه الجميع. عملية تشكيل الحكومة كانت الاختبار الأخير للطبقة السياسية. كان الاختبار الفضائحي. المحاصصة دون أي خجل من صراخ الناس. بعض الوزراء لا يصلحون حتى لادارة دكان للخضار. كيف لهم أن ينقذوا جمهورية تلفظ أنفاسها الأخيرة؟

 

الفرنسيون قالوا ان مؤتمر «سيدر» كان بمثابة الانذار الأخير. وحين عقد المؤتمر الأخير حول لبنان في باريس، بدت الصدمة على وجوه مستشاري الاليزيه. لا أثر للأزمة على وجوه الفريق اللبناني. بعضهم، كما تردد، أمضوا الليلة السابقة للمؤتمر في ملهى… «الطاحونة الحمراء»!

 

المطران اياه باع سيارات المطرانية لكي يساعد الأهالي الذين لا يستطيعون تأدية الأقساط المدرسية. هذه دولة المواكب الأمبراطورية. السقوط الأخلاقي، والفلسفي، والدستوري. كلنا نسأل أين هم أثرياء هذا البلد للمؤازرة في تخطي الكارثة التي تقودنا الى الجحيم؟

 

أولئك الديناصورات، بالقصور الخرافية، وبالمليارات التي نهبوها من المال العام، لم يرف لهم جفن. من رف لهم جفن، راحوا يوزعون علب السردين، وعلب البازيلا والفول. هذا أقصى ما يمكن أن تصل اليه أيديهم البيضاء.

 

استبشرنا خيراً بتكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة، ربما بسبب اللمسات الأميركية في شخصيته. في ساحة النجمة، قال كلاماً ملائكياً. وحين بوشر بالخطوة الأولى، بدأ الغوص في الوحول. الى حد ما، هذه حكومة لادارة الوحول لا لادارة الحلول.

 

حتى الفاتيكان، وحيث الدولة السوبردينية، قال بالدولة المدنية. البطريرك الراعي دعا الى الغاء المادة 95 من الدستور. ماذا تفعل الطبقة السياسية سوى أنها تذهب بالبلاد من أقاصي الطائفية الى أقاصي المذهبية؟

 

حسان دياب يبرر التراجع بالبراغماتية التي يفرضها الواقع اللبناني. يا دولة الرئيس، أنت تعلم أن الشارع انفجر من أجل تغيير هذا الواقع. ما جدوى أن تظهر الغربان بالياقات البيضاء؟ هاجس رئيس الحكومة أن تحظى حكومته بالثقة. لا امكانية لكي ياتي بالنواب من المريخ. هل كان ثمة من حدث تاريخي، من زلزال تاريخي، أكثر أهمية من تشكيل حكومة الأدمغة العصية على التعليب، ولتسقط تحت قبة البرلمان. رائع أن تسقط لأن من يحجبون الثقة لن يستطيعوا العودة الى منازلهم.

 

كلنا خفنا من الفوضى. وكلنا نعرف كيف تعبث الأيدي بالحالة اللبنانية، وكلنا ندري مدى قابليتنا للنزول الى الخنادق. هذا لا يعني أن الذين صنعوا الكارثة هم من يقودون القارب المثقوب الى شاطئ الأمان. لماذا لا تكون حكومة تكنوعسكرية؟ داخل الهاوية لا مكان للنصوص، ولا للأصول، التقليدية…

 

قبل أن يتفوه المطران بما تفوه به، كانت المصادر الديبلوماسية تتحدث عن استحالة الخلاص، خلاص الجمهورية، بالتركيبة الحالية. لا تدعوا النوايا السيئة تذهب بنا الى حد التصور أن التركيبة اياها تواطأت، دون أن تدري، مع من يخططون لدفعنا الى العوز. ثم القول لنا، عربياً ودولياً، كما قيل للسودان اما لادولة، ولا خبز ولا وقود، أو مد اليد الى بنيامين نتنياهو.

 

المطران قال «…والا فالويل لكم». الويل لنا اذا دخلنا سوق الغاز، وزمن الغاز، بهذه الحالة اللبنانية، وبهذه الحالة العربية. ما تحت الدولة بل ما تحت القبيلة!!