IMLebanon

هل ترسم رسالة الفاتيكان مشهد الحلّ والخلاص ؟

 

تختلف مرحلة ما قبل لقاء الفاتيكان عما بعده، ذلك أن المبادرة التي أطلقها البابا فرنسيس الأول، من أجل مساعدة لبنان من خلال إعلان ما يشبه حال الطوارئ الإجتماعية في الدرجة الأولى، وتأجيل كل الإشكاليات السياسية الى مرحلة ما بعد لجم السقوط، إذ أن هذه المبادرة، وكما تكشف أوساط سياسية قريبة من بكركي، حملت رسالة وحيدة مفادها إنهاء الأزمة وإنقاذ البلد الوحيد الذي لا يزال يحتضن أعداداً كبيرة من المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط. وتقول الأوساط، أن الإنهيار الذي يشهده لبنان، ويطاول كل جوانب حياة اللبنانيين عموماً، والمسيحيين خصوصاً، هو غير مسبوق، ويستدعي تدخلاً مباشراً من الكرسي الرسولي من أجل القيام بدور رئيسي لتسليط الضوء الدولي على القضية اللبنانية، والتأثير على التوجّهات الدولية تجاه لبنان، خصوصاً وأن ما سُجّل من تعاطٍ خلال السنوات الماضية، يؤشّر الى عدم اهتمام وترك لبنان لمصيره الضبابي، والتركيز على ملفات الدول المجاورة له.

 

لكن الترجمة العملية للرسالة البابوية، تقول الأوساط نفسها، لن تظهر في المدى الزمني القريب، إنما سوف تأخذ الأطراف الدولية الفاعلة بكل هواجس وتوجّهات وتمنيات الفاتيكان، مع العلم، أن جميع الأطراف التي انخرطت في مبادرات ووساطات من أجل حل الأزمة السياسية في لبنان، وتحديداً الحكومية منها، تلقي بالمسؤولية في هذه الأزمة على اللبنانيين في مواقع القيادة، لأن الموفدين والديبلوماسيين الذين زاروا لبنان على مدى الأشهر التسعة الماضية، قد دوّنوا في تقاريرهم وخلاصاتهم في تحديد وجه أساسي في الأزمة المحلية هو «سوء الإدارة»، لا سيما وأن هذا النهج ما زال مستمراً الى اليوم، لأن المسؤولين يرفضون تحميلهم مسؤولية ما آلت اليه الأمور من تردي في كافة الأوضاع المعيشية والإقتصادية والمالية، كما أنهم يمتنعون عن القيام بأي دور من شأنه أن يخفّف من حجم هذا التردّي في كافة المجالات.

 

وعليه، تتوقّع الأوساط السياسية ذاتها، أن تشهد المرحلة المقبلة تركيزاً للضغوط الدولية على كل الأطراف السياسية، في ضوء ما حملته كلمة قداسة البابا من صرخة واضحة في وجه فريقين:

 

– الأول: المسؤولين اللبنانيين، حيث طالبهم بتغييب مصلحة لبنان على كل مصالحهم الخاصة.

 

– الثاني: الدول الكبرى التي طالبها البابا فرنسيس بعدم ترك لبنان لمصيره تحت رحمة المخطّطات والمصالح التي تحمل كلها طابعاً شخصياً في الدرجة الأولى.

 

وفي هذا الإطار، فإن توقيت اللقاء في الفاتيكان، والذي أتى بعد لقاءات متتالية بين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن في باريس، كما في إيطاليا، قد حمل دلالات على أن الملف اللبناني قد تحوّل الى بند أساسي على جدول أعمال المفاوضات الدولية الجارية حول الملفات الإقليمية بحسب الاوساط ، وبالتالي، فإن القرار بوضع لبنان على جــدول أولويات الفاتيكان، أدّى الى تحويله الى قضية مطروحة أمام المجتمع، وذلك بمعزل عن كل ما يسجَّل في لبنان من تعقيدات تزيد من عمق الأزمة المستفحلة، وتقف في وجه أي مبادرات خارجية، نظراً لاستحالة اقتناع الأطراف المحلية بخطورة المرحلة، وبأهمية التجاوب مع مبادرة الفاتيكان ورسالة البابا فرنســيس الأول الهادفة الى إعادة الثقة والدور للبنان والأمل والرجاء للبنانيين الذين باتوا كلهم يعيشون حالة إحباط عامة.