في وقت تتجه فه كل الانظار الى الخارج بحثا عن معلومة تضيء نفق الاستحقاق الرئاسي، بعدما انتقل الملف الى الخارج، مع استقبال قداسة البابا فرنسيس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في انتظار زيارة الرئيس الايراني لباريس التي يطغى عليها الطابع الاقتصادي دون ان تخلو حكما من الملفات السياسية، مرورا بلقاءاته في الفاتيكان، بعدما انخفضت حرارة الحراك الرئاسي الداخلي، التي كانت بلغت اوج درجات ارتفاعها مع تبني القوات اللبنانية ترشيح رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون، على وقع عاصفة الطقس الموهومة.
فالموقف الاقليمي – الدولي لا يقلّ التباساً عن الداخلي حيال الواقع اللبناني الجديد، وسط انتظار ثقيل لما ستقوله المملكة العربية السعودية مع وجود مرشحيْن. اعتقاد يعززه ما أفادت به مصادر ديبلوماسية، عن أن قمة باريس بعد أيام لن تحمل «الترياق» للأزمة الرئاسية.
وتكشف المصادر عن أن حركة السفير الفرنسي لدى لبنان نحو الرابية، معراب، بكفيا وبنشعي، جاءت بطلب مباشر من الاليزيه، على ان يرفع بون تقريراً مفصلا عن الوضع، قبيل قمة الرئيسين، معتبرة أن جولات القائم بأعمال السفارة الأميركية على الفرقاء في لبنان لا تقل أهمية عن الجولات الفرنسية، لأن جونز يعمل أيضا على رفع تقرير إلى إدارته عن الوضع الجديد القائم بعد ترشيح جعجع لعون، مشددة على ان أميركا تبدي أهتماما بالغا بما يحصل اليوم في لبنان.
وفيما قرأت المصادر مؤشرات ايرانية تعكس ليونة ملحوظة ازاء الاستعداد لبدء العمل على الحلول في منطقة الشرق الاوسط، استنادا الى تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني، دون ان يرقى ذلك الى مستوى اسقاط «الفيتو» عن الاستحقاق الرئاسي المرتبط اساسا بالعلاقات السعودية ـ الايرانية، حيث يحضر الرئيس الفرنسي لاطلاق «مبادرة صلحة» بين الطرفين، مشيرة الى ان موضوع الرئاسة اللبنانية لم يدرج على جدول اعمال الاجتماعات الباريسية.
علاقة متوترة انعكست على المواقف الداخلية اللبنانية وعلى الانقسام حيال الموقف من إيران والتضامن مع المملكة العربية السعودية بعد نأي وزارة الخارجية بنفسها عن قرار وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في جدة إدانة التدخلات الإيرانية في الدول العربية وسياستها التحريضية ودعم موقف المملكة بقطع علاقاتها الديبلوماسية مع طهران.
غير ان اجتماعات القمة، وبحسب مصادر ديبلوماسية غربية، ستشهد تمنيا فرنسيا على الضيف الايراني ببذل الممكن من اجل ابقاء الساحة اللبنانية مستقرة والدفع في اتجاه تأمين ارضية صالحة لاعادة تفعيل المؤسسات الدستورية بدءا بانتخاب رئيس نظرا لما للفراغ من تداعيات سلبية بدأت تؤثر في جانب منها على الوضع الامني، بخلاف ما تنقل المعلومات وبحسب المصادر ذاتها عن الدوائر الفاتيكانية التي ستطلب بوضوح من الرئيس روحاني تسهيل الانتخابات الرئاسية عبر انجاز الاستحقاق قبل ان تلفح رياح الفتنة الاقليمية الساحة اللبنانية.
تحرك فاتيكاني سبقه، بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية، جولات لموفد من الكرسي الرسولي شملت الولايات المتحدة الاميركية وروسيا وفرنسا والسعودية وايران نقل خلالها رسائل واضحة مفادها ان استمرار الوضع على ما هو عليه في لبنان لم يعد جائزا ولا يمكن انتظار نضوج التسوية السياسية في سوريا لفك أسر الملفات اللبنانية المأزومة، والا فان الثمن سيكون باهظا جدا على لبنان الدولة والنظام وعلى اللبنانيين جميعاً. علما ان معلومات يجري تداولها في بيروت عن قناعة فاتيكانية بضرورة السير بمرشح توافقي وعدم السماح باطالة امد الفراغ، وفي هذا الخصوص تكشف المصادر عن ان المسؤولين في دولة الفاتيكان يرفضون حتى الساعة تحديد مواعيد لاي من المرشحين او موفدين عنهم.
استنادا الى ذلك، ومع ترقب الساحة الداخلية لحصيلة لقاءات روحاني وما قد تُنتج على مستوى تسهيل الاستحقاق الرئاسي وفي سياق المشاورات الرئاسية «الناشطة» على اكثر من جبهة، تجمع المصادر الديبلوماسية على ان مواقف الاطراف لن ترتقي إلى حد حسم التوجهات لانهاء حالة الشغور في بعبدا، لتبقى كل الاحتمالات مفتوحة، خاصة عند حزب الله المترقب بتوجس للتحركات الاقليمية ـ الدولية، لادراكه بان حلحلة الوضع اللبناني مرتبط بشكل او بآخر إما بصفقات إقليمية كاملة أو بتسويات موضعية لملفات المنطقة الملتهبة، معتبرة انه من الطبيعي والحال تلك، ان تلائم حارة حريك موقفها من المستجدات على ايقاع تلك التحركات، ومن ضمنها المتعلق بالشق الرئاسي، بوجهته المتعلقة برئاسة حكومة العهد الجديد، من ضمن السلة الشاملة، خاصة بعد القراءة القواتية انطلاقا من النقاط العشر التي تمثل مبادئ قوى الرابع عشر من اذار، والتي لها علاقة بسلاح حزب الله.
بين برودة العاصفة الثلجية التي يشهدها لبنان وبرودة المناخ السياسي بعد عاصفة معراب، حماوة في المقلب الدولي الذي يستعد للحلقة الاولى في مسلسل مفاوضات «جنيف 3»، في ظل غياب أي تطور بارز عن الوضع الداخلي في ما عدا التحركات والمواقف المتصلة بالترشيحات ومفاعيلها وتداعياتها داخل أهل الصف الواحد، حيث تنكب الاطراف على اعادة قراءة خريطة التحالفات وجدواها بعدما أصابتها شظايا «المبادرات»، في مرحلة تمرير الوقت الضائع.