تُسجّل تساؤلات في الصالونات البيروتية عن تطوّرات العلاقة التي تجمع رئيس الحكومة سعد الحريري بالنائب نهاد المشنوق، في ضوء مناخ الفتور الذي برز في مناسبات عدة بين الرجلين، وذلك منذ إبعاده عن فريق الحريري الوزاري، وذلك بحسب مصادر محيطة بتيار «المستقبل»، التي سجّلت اصطفاف النائب المشنوق في جبهة سياسية معارضة لرئيس الحكومة، وذلك واضح من خلال المواقف المتعلّقة بالطائفة السنّية تحديداً، حيث يرفع المشنوق سقف الخطاب أعلى من السقف الذي يرفعه الحريري، أو في المواقف السياسية المتعلّقة بالتطوّرات الداخلية.
وفي هذا الإطار، برز التباين واضحاً خلال مؤتمر «إنماء بيروت» الذي انعقد في فندق «الريفييرا» الأسبوع الماضي، ومعلوم أن هذا المؤتمر يعقد منذ سنوات، يدعو إليه النائب السابق محمد قباني، وتحضره الهيئات السنّية المنتخبة كالنواب والوزراء وبلدية بيروت والجمعيات الفاعلة في العاصمة. وقد عُقد هذا المؤتمر تحت عنوان «الإعتراض على مشروع بلدية بيروت لتحسين الواجهة البحرية في عين المريسة»، وقد حضره النائب المشنوق والنائب نزيه نجم وبولا يعقوبيان ورولا الطبش والوزير محمد شقير، الذي غادر بعد أن احتدم النقاش بين المشاركين.
وتحدّثت المصادر نفسها، عن جملة عناوين بحثها هذا التجمع، أبرزها مشروع البلدية، والذي يؤثّر سلباً على استفادة قباني من العقار الذي يملكه في منطقة عين المريسة، وبالتالي، فقد طرح قباني هذه الإشكالية في المؤتمر، مدعياً أن البلدية تريد ردم وتبليط البحر، وهذا المشروع يكلّف 25 مليون دولار. وأضافت المصادر أن العديد من المشاركين اعترضوا على المشروع، خصوصاً وأن قباني كان قد استقدم شخصيات من خارج بيروت مزوّدين بدراسات تؤكد أن للمشروع خطر بيئي. لكن الخلفية الحقيقية لما جرى، بحسب المصادر، هي أن الرئيس الحريري طالب منذ فترة بلدية بيروت بإنجاز مشروع إنمائي ضخم، لا الإكتفاء فقط بتعبيد الطرقات أو إعمار جسر، أو إنارة طريق ما، وذلك لهدفين أولهما إسكات بعض الأصوات البيروتية التي تتّهم الحريري بإهمال العاصمة وأبنائها، وثانيهما إقامة مشاريع إستثمارية وسياحية ستدخل الأموال إلى البلد، أي تنفيذ مشاريع مطلوبة من قبل الدول المانحة في مؤتمر «سيدر».
وتكشف المصادر المحيطة بـ«المستقبل»، أن الوزير السابق المشنوق، ترأس، وبطريقة ذكية من دون أن يظهر ذلك إلى العلن، الجبهة المعارضة لمشروع بلدية بيروت، فانقسم المجتمعون إلى قسمين، الأول يدعم الحريري والبلدية والمشروع، والثاني يرأسه قباني في العلن، أم في الظلّ فيحرّكه المشنوق، ويعارض مشروع البلدية تحسين الواجهة البحرية لمدينة بيروت، مما دلّ على ابتعاد المشنوق بشكل واضح عن محور الحريري.
والسؤال المطروح في هذا السياق، هو أين الرئيس فؤاد السنيورة من هذا الإصطفاف الجديد؟ عن هذا السؤال تقول المصادر نفسها، أن الرئيس السنيورة بعيد عن هذا الصراع البيروتي، وأنه في الأساس قد عارض التسوية الرئاسية التي سار بها الرئيس الحريري، وهو لم يخفِ معارضته هذه يوماً، ولكنه اليوم غير مهتم بالعودة إلى رئاسة الحكومة، ويدرك بأن أي موقف علني قد يتّخذه ضد الرئيس الحريري، سيتم استغلاله من قبل خصوم الحريري، كما يتم اليوم استغلال مواقف النائب المشنوق، وبالتالي، فإن الرئيس السنيورة يعرب عن موقفه بشكل مباشر للرئيس الحريري، وليس في الإعلام. وبالتالي، تضيف المصادر، فهو يتواصل معه ويزوره بشكل دوري، ويعتبر أنه عليه أن يريح ضميره ويقول ما عليه أن يقوله أمام الحريري وجهاً لوجه، لا عبر الإعلام، وذلك، من دون الدخول في أي صدام أو مواجهة مع إبن صديقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري.