IMLebanon

لعبة الانتظار

 المناخات الايجابية السائدة في لبنان اليوم، تطرح التساؤلات حول المدى الذي يمكن أن تبلغه السياسة الانفتاحية المتبادلة بين فريقي الصراع الأساسيين، الى جانب الوقت الذي يمكن أن تستهلكه لعبة التسوية الشاملة، التي تحدث عنها السيد حسن نصرالله بجدية ملحوظة، قبل ان تبلغ خط النهاية الميمون!

الرئيس تمام سلام الذي تحدث عن انتصار الحكمة والمسؤولية الوطنية والحس السليم، الاسبوع الماضي، قاصداً التشريعات الضرورية التي مررها مجلس النواب، أدرك حجم التساؤلات التي يطرحها الناس، على هذا الصعيد، ولهذا ربما كانت دعوته في افتتاح المؤتمر العشرين لاتحاد المصارف العربية، القوى السياسية كافة الى التواضع والتواصل والتوافق على ما يسمح بتسيير العمل الحكومي، بانتظار التسوية السياسية الكبرى، ومدخلها انتخاب رئيس الجمهورية، جواباً على ذلك.

والانتظار المطلوب، يتخطى ما هو ملحّ بالنسبة الى لبنان وما أكثر الاستحقاقات اللبنانية الملحة، من رئاسة الجمهورية، الى تفعيل الحكومة ومجلس النواب وعبرهما التعيينات والموازنات وصولاً الى النفايات التي تستحق الأولوية من حيث الملحاحية والضرورة.

الانتظار الحقيقي مرتبط بمآل البلقنة القائمة في سوريا، والمتمددة باتجاه منشئها الغربي، ولو ان فرنسا خارج اللعبة المباشرة، التي يحاولون من خلال عملية داعش الأخيرة في باريس، اشراكها في تحمل الأوزار!

بعض الاوساط الدبلوماسية في بيروت، ترى أن الدول الأوروبية، لم تعد، بعد عملية باريس، قادرة على التغاضي أو القول فخار يكسر بعضه… لقد وصل فيل داعش الى قاعة الخزف الأوروبي، وان لم تبادر الدول الأوروبية، الى حمل راية التسويات في المنطقة وتحديداً في سوريا، فان سلمت من ارهاب الخارج لن تسلم من ارهاب الداخل، الذي بدأ يستقطب الفكر اليميني المتطرف، والباحث عن فرصة للتغريد من فوق شجرة السلطة، كما بدأت تدل استطلاعات الرأي الفرنسية…

وفي رأي هذه الأوساط، انه أياً كان التفاهم بين أوباما وبوتين حول محاربة الارهاب في عقر داره، فان الرئيس الأميركي مضطر من أجل مصداقيته ومصداقية حزبه ان يخرج من شرفة المتفرجين، وينزل الى الأرض، اذا كان، يريد بالفعل، حلاً سياسياً في سوريا واستقراراً دستورياً في لبنان وسلطة مركزية قوية في العراق، ونظاماً ملتزماً بالحدود الدولية والقوانين الدولية في ايران…

أما ان يترك الدبّ الروسي، يخبّط عشوائيا في الغابة السورية، فذلك مدعاة تعميم للارهاب، وليس تدميراً له، ونشراً لهذا الفيروس المولود من رحم الاستبداد لا مكافحة له الا المحاصرة.

وفي هذه الحالة، ليس الهاجس ان يطول الانتظار الذي تحدث عنه الرئيس سلام، بل الهاجس، ان يبقى الاعتماد على سياسة مقارنة الصفقات بالدم، قاعدة التعامل السائدة.

فالى أي حدّ يمكن ان يتقبّل الضمير الانساني وضع الصفقات السياسية الدولية في كفّة، والعذابات البشرية في سوريا وغير سوريا، في الكفّة الأخرى؟

وهذه السياسة التدميرية للشعوب، بماذا يمكن وصفها؟.. –