IMLebanon

جدران الأنظمة وحدود الخلافة

ماذا بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين في ٩ تشرين الثاني ١٩٨٩؟ هل توقفت موجة المتغيرات التي أطلقها السقوط عند نهاية الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة وسقوط الأنظمة في المعسكر الإشتراكي وإعادة توحيد المانيا؟ هل صمدت نظرية نهاية التاريخ أمام الأحداث الواقعية أم ان النموذج الصيني الناجح كشف إجماع واشنطن وكشف ضعف السيطرة النهائية للديمقراطية السياسية والحرية الاقتصادية؟ ولماذا بدا العالم العربي كأنه الاستثناء من قاعدة التغيير الى ما قبل ثلاث سنوات؟

الأجوبة متعددة. لكن سرعة المتغيرات في أوروبا تلتها سرعة الخسارة للرأسمال الذي وضع اميركا وحيدة على قمة العالم. ولم يكن خارج منطق التاريخ أن يقود الإذلال الأميركي والأوروبي لموسكو الى اليقظة القوية للوطنية الروسية في إطار السعي لاستعادة الممكن والضروري من الدور السابق، ولو كان الثمن نسخة جديدة من الحرب الباردة. ولا كان الرجل الذي يقود روسيا الى دور الشريك مع أميركا في إدارة النظام العالمي سوى ضابط الاستخبارات الذي كان في المانيا الشرقية وشاهد سقوط برلين: فلاديمير بوتين.

أما العالم العربي، فإن موجة المتغيرات تأخرت طويلاً في الوصول اليه. والتحرّك الوحيد السريع جاء بعد عام على سقوط الجدار، عندما اجتاح الرئيس صدام حسين الكويت، بعد قراءة خاطئة في المتغيرات دفع ثمنها على مرحلتين. فما تأثرت به السياسات هنا كان ردرد الفعل على حدثين سبقا انهيار الجدار بعشر سنين هما الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني، واتفاق كامب ديفيد بين الرئيس انور السادات ومناحيم بيغن الذي قاد الى معاهدة سلام بين مصر واسرائيل.

وكان على العالم العربي أن ينتظر حتى العام ٢٠١١ لكي يبدأ سقوط الجدران والأنظمة الأمنية عبر ثورات الربيع العربي. لكن الثورات المضادة كانت سريعة. اذ قامت جدران أقوى، سواء حيث تمكنت تيارات الاسلام السياسي من اقامة انظمة دينية، أو حيث تحولت الثورات حروباً اهلية يبدو المتطرفون الطرف القوي فيها.

وبدل سقوط الجدران جاء سقوط الحدود، لا بالمعنى الايجابي بل بالمعنى السلبي. تنظيم داعش ألغى الحدود بين العراق وسوريا واقام في اجزاء منهما دولة الخلافة. وجبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة تسعى لاقامة امارة اسلامية في ريف ادلب او في ريف حوران. وهمايعملان للامتداد الى لبنان والاردن، بصرف النظر عن القدرة حتى على النجاح الجزئي الذي سرعان ما يحبطه الجيش اللبناني والجيش الاردني.

والورطة مزدوجة: ليس امام العرب سوى الاتكال على اميركا. وليس الاتكال عليها بوليصة ضمان لما يسميه الرئيس اوباما تفكيك داعش ثم القضاء النهائي على التنظيم الارهابي.