IMLebanon

الحرب ضد الإرهاب والاستبداد… لبنان نموذجاً لسوريا والعراق

 

لعلّ الإنجاز الذي حقّقه الجيش اللبناني بحسم المعركة في طرابلس والشمال، لا يحتاج الى شهادات من أحد لتأكيد أهميّته.

لم تدع تعقيدات المعركة ضد الجماعات المسلحة والأخطار الناجمة عنها مجالاً للمناورات، وقد تكشف الأيام المقبلة أنّ المتضررين منها كُثر، ومن الضفاف كلها.

تقول مصادر ديبلوماسية عربية في واشنطن «إنّ ضَخاً إعلامياً كبيراً سَبق أحداث طرابلس ومحيطها ورافقَها، بحيث بَدا أنّ الأهداف المُضمرة تتجاوز بكثير ما هو مُعلن، خصوصاً أنّ الهدف الأساس كان توجيه ضربة إلى الجيش اللبناني، وجَرّه الى موقع سياسي لا يمكنه القبول به موضوعياً».

وتتحدث المصادر عن معلومات كثيرة تناقلتها دوائر سياسية عربية وغربية، وأميركية تحديداً، عن هويّة الجماعات التي خاضت الحرب ضد الجيش، وتشير الى أنّ بعض مرجعياتها داخلي والبعض الآخر إقليمي. وتؤكد أنّه لَو نجح مخطّط استدراج الجيش الى ذلك المستنقع، لكانت النتائج السياسية مختلفة تماماً عمّا حدث بعد حسم المعركة ضد تلك الجماعات «المشبوهة».

وترفض المصادر محاولات البعض الربط بين ما يحصل في لبنان أو في مصر، أو تصوير الحرب التي يخوضها النظام السوري ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية من غير «داعش»، للقول إنّ «شَرف» مقاتلة الإرهاب يؤهّلها لتكون شريكاً «كامل الأوصاف» في التحالف الدولي.

فاللعبة مكشوفة بكلّ المقاييس، في الوقت الذي تسعى تلك المصادر الى تكثيف اتصالاتها ونقاشاتها مع الادارة الاميركية، خصوصاً مع القيادة التي تسلّمت إدارة ملف الحرب على «داعش»، بغية تسريع الخطوات السياسية والميدانية التي تعيد وَضع حدّ «للمداخلات» التي يسعى اليها البعض في هذه المرحلة.

وتكشف أوساط أميركية أنّ نقاشاً صريحاً تخوضه تلك المصادر بالتعاون مع ممثلين للمعارضة السورية لممارسة ضغوط جدية على النظام السوري كي يوقِف هجماته، وخصوصاً غاراته الجوية التي فاقت مئات المرّات الغارات التي نفّذها التحالف الدولي على مسلّحي «داعش» ومواقعه في الايام العشرة الاخيرة.

وفي الوقت الذي تفصل تلك الأوساط بين ما حصل في لبنان وما يحصل في سوريا لناحية الاستهدافات السياسية، تؤكد أنّ هناك رعاية فعلية ومؤازرة جدية لحماية الجيش اللبناني وتعزيزه بكلّ ما يحتاجه في هذه المرحلة، وتصريح السفير الاميركي ديفيد هيل في بيروت، أمس الاول، خير مُعبّر عن ذلك.

وتعتقد تلك الاوساط أنّ إفشال المخطط في شمال لبنان على يد قوات تتمتّع بصُدقية سياسية وشعبية ممثلة بالجيش اللبناني، قد يشكّل مثالاً عمّا يجب تنفيذه في أماكن أخرى، سواء في سوريا أو العراق.

فصمود الجيش اللبناني في مواجهة الخليط الأمني والإرهابي، يقابله صمود للأكراد في «عين العرب» يمكن البناء عليه حتى ولَو سقطت المدينة، في الوقت الذي تتسارَع الخطوات لبناء قوّات الحرس الوطني في المناطق السنية في العراق، مع بلوغ الخطوات المتخذة للبدء بتشكيل «جيش وطني سوري جديد» مراحل متقدمة، خصوصاً أنّ مخيمات التدريب قد بدأت في إعداد أفواج منه، سواء في السعودية أو تركيا أو الاردن.

وهو ما كشفه قائد المنطقة الوسطى الجنرال لويد اوستن حين أعلن الحاجة لبناء بنية عسكرية وسياسية جديدة للمعارضة السورية وإنشاء مجلس عسكري جديد يشمل قوى المعارضة السورية المسلّحة، ومن خلاله يتمّ التعاطي في شؤون التدريب والتسليح.

وإذ تُدرك تلك الاوساط صعوبة العلاقة مع تركيا وتعرّجها، إلّا أنّ الخطوط العامة مُتّفَق عليها، على رغم سَعي أنقرة إلى «المقايضة» و«المفاصلة» عند كل منعطف، كما هو معروف عن الأتراك عادة. فالجميع مُدرك أنّ ما يُرسَم اليوم سيكون له أثر عميق في المراحل المقبلة، ولا يمكن تَرك الامور للصدفة.

هذا ما تفعله إيران أيضاً التي يزداد حجم ملفّاتها وتشعّبها والمناطق التي تغرق فيها، في وقت تتناقل أوساط عدة أنّ مصير ملفّها النووي دخل مرحلة حَرجة، مع دخول سلاح النفط الى الميدان أخيراً وإمكان تحوّله سلاح «دمار سياسي شامل» قبل أن يكون اقتصادياً.