IMLebanon

الحرب في السودان هدفها تقسيمه إلى 5 دول  

 

سؤال بسيط ولكنه كبير بمضمونه، وهو، لماذا هذه الحرب الدائرة في السودان؟

وعلى ماذا يختلفون؟

ومن يحارب من؟

في البداية، الرئيس المخلوع عمر البشير هو الذي أوجد ما يسمى «حميدتي» واسمه الحقيقي محمد حمدان دقلو، وكان الهدف حماية النظام، ولكن الذي حدث أنه وبعد خلع البشير أصبح حميدتي قائداً لقوات الدعم السريع، في حين أنه في الحقيقة راعٍ، وفي الوقت نفسه تاجر مواشٍ، وليس عنده الحد الأدنى من العلم والثقافة… والغريب العجيب أنه بين ليلة وضحاها تحوّل هذا القائد ليصبح من الأغنياء في السودان نتيجة تجارة المواشي واستخراج الذهب، وصار تاجر ذهب معروفاً لدى الجميع.

واللافت ان القائد حميدتي يدفع للجندي في جيشه 7 أضعاف ما تدفعه الدولة السودانية للجندي السوداني الشرعي.

هناك معلومات قديمة منذ أيام الرئيس عمر البشير، كان يُقال: إنّ السودان سوف يقسّم الى 5 دول، وهذه المؤامرة هي في الحقيقة ضد مصر، وكما نعلم فإنّ مصر جارة السودان الأقرب، فإذا قُسّم السودان الى 5 دول كما يخطط له فإنّ ذلك سيشكل خطراً على مصر.

بالاضافة الى إثيوبيا التي لا تزال تهدّد بحرب المياه، وبأنها سوف تقلل من حصة مصر المائية من نهر النيل الذي ينبع من إثيوبيا، وهكذا تصبح مصر محاطة بدول ثلاث ليبيا والسودان وإثيوبيا، وهذا خطر كبير عليها إذا ما نجحت خطة التقسيم والفوضى.

قبل أن أتحدّث عن ثروات السودان لا بد من أن أذكر ما حدث معي أيام الرئيس أنور السادات، وقبل ذهابه الى القدس في تلك الرحلة التاريخية… كان وزير خارجية مصر في ذلك الوقت الاستاذ اسماعيل فهمي، ذهبت الى القاهرة بناءً على موعد معه حيث كنت مع الرئيس حافظ الاسد في زيارة الى مصر ومقابلة الرئيس السادات.

وصلت مصر، وكان هناك استقبال لي من مندوبين من وزارة الخارجية، أعلموني ان الوزير ينتظرني في الاسكندرية في فندق فلسطين.

وبالفعل ذهبت الى الاسكندرية الى فندق فلسطين، حيث تم اللقاء مع الوزير اسماعيل فهمي، وكان حديثاً شيّقاً أتوقف عند بعض الاسئلة والأجوبة المهمة فيه:

السؤال الأول: أين وصلت العلاقات بين مصر وليبيا؟ وكان جوابه حاسماً وبكلمة واحدة قال: لم تصل.

السؤال الثاني: كيف ترى يا معالي الوزير الحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في مصر؟

الجواب: الوحدة بين مصر وليبيا والسودان هي الحلّ.

المال الليبي واليد العاملة المصرية والأراضي الزراعية السودانية هي الثروة الحقيقية، الوحدة تحقق أكبر إنجاز تاريخي حيث تصبح تلك الدول الثلاث قوة ثالثة في العالم.

السؤال الثالث: ماذا عن الاتفاق مع إسرائيل؟

الجواب: أنا مع السلام ولكن ليس بالشروط الاسرائيلية، فإذا فرضت علينا فأنا لا يمكنني الاستمرار في الوزارة وسوف أستقيل.

وبالفعل، فإنّ اسماعيل فهمي شغل منصب وزير الخارجية من 31 تشرين الاول عام 1973 واستمر فيه حتى 17 تشرين الثاني عام 1977، أي الى ما قبل زيارة السادات لإسرائيل بيومين، وكان سبب استقالته رفضه مرافقة السادات في زيارته.

أعود الى السودان لأقول: إنّ هذا البلد واسع شاسع غني بالموارد الطبيعية والأراضي الزراعية الخصبة، والثروة الحيوانية والمعدنية. وتشكّل الزراعة وتربية الماشية فيه جزءاً كبيراً من ثروته، وهذه من أهم المصادر الرئيسة لكسب العيش في السودان.

ويعدّ السودان الدولة العربية الوحيدة التي يُعَدّ ميزانها الزراعي موجباً، وتشكّل المنخفضات الطينية والمسطحات المائية في بعض مناطق السودان مصادر ثروة حقيقية.

أما الثروة المائية فتتكوّن من مياه الأمطار والانهار والمياه السطحية، والسودان غنيّ بمياهه الجوفية الوفيرة، فإذا أردنا تلخيص الثروة السودانية فإنه يمكننا القول إذ ذاك ما يلي:

* في السودان 200 مليون فدان وهي المساحات الصالحة للزراعة، والمزروع منها حالياً فقط 64 مليون فدان، وهذه المساحة كافية حتى لا يجوع الوطن العربي كله -لو زُرعت-.

* تشكل المراعي في السودان مساحة 115 مليون فدان وهي مراعٍ طبيعية.

* يهطل على السودان 400 مليار متر مكعب ماء سنوياً… وهي أمان مائي للمنطقة كلها.

* يمتلك السودان سادس أكبر ثروة حيوانية في العالم بحجم 110 ملايين رأس من المواشي.

* لا خلاف حول أهمية الذهب في هذا الزمان… والذهب يعتبر من أهم الموارد الطبيعية في السودان، وهو يلعب دوراً مهماً في الصراعات التي تجري في البلاد… وقد حقق السودان أعلى إنتاجية للذهب في تاريخ قطاع المعادن فيه خلال العام السابق 2022. وينتج السودان ما بين 95 و100 طن سنوياً من الذهب، ولكن لا يدخل الخزينة العامّة أكثر من 30 طناً، وباقي الكميات يجري تهريبها الى الخارج…

ومن الذهب انتقل لأقول: إنّ تقارير غربية مطّلعة تقول إنّ الذهب في السودان يلعب دوراً في الصراع الحالي على السلطة، حيث انه مصدر مالي لقوات الدعم السريع، كما انه مطمع لقوى إقليمية ودولية.

وبما ان السودان يحتل المركز الثالث عشر عالمياً والثالث أفريقياً في إنتاج الذهب حيث ينتج حالياً حوالى 80 طناً فيما تقدّر الاحتياطات غير المستغلة بنحو 155 طناً.

احتياطيات الفضة تقدر بـ1500 طن.
5 ملايين طن من النحاس.
1.4 مليون طن من اليورانيوم وهي ثروة عيون أميركا وأوروبا كلها عليها.
السودان يستحوذ على 80% من الإنتاج العالمي للصمغ العربي الذي يدخل في 180 صناعة في القطاعات الغذائية والدوائية، ويتم تهريب واحتكار 70% منه سنوياً من قبل شركات محلية وعالمية.
ينتج 39% من السمسم الأبيض من الإنتاج العالمي و23% من السمسم الأحمر.
وحين اشتغل رجل الأعمال السعودي «صالح الراجحي» في مشروع خيري عبر استثمار أراضٍ سودانية لـزراعة الرز وباع طنّ الرز للسودانيين بـِ70$ في وقت كانوا يستوردونه بـِ 320 دولاراً، وقد تمّ ايقاف المشروع بمؤامرات فرنسية – إسرائيلية!

ويمكن القول إنه ومنذ الإطاحة بعمر البشير عام 2019 صار السودان من جديد في قلب منافسة بين القوى المختلفة في الشرق الأوسط وأيضاً الولايات المتحدة وروسيا.

ولا يستبعد المراقبون أن يكون للتنافس الخارجي دور في صراع الجنرالات المحتدم في البلاد، هذا القتال الذي اندلع بين قوات الدعم السريع بقيادة دقلو (حميدتي) ومجلس السيادة السوداني وقوات الجيش التي يقودها الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة.

ولا يمكن إغفال ما تتداوله المعلومات المسرّبة من مجلة «فورين بوليسي» من ان هناك صفقة روسية لبناء ميناء عسكري على البحر الاحمر، ويُقال بأنّ الميليشيا الروسية «فاغنر» وجدت بشكل فعّال في السودان بحجة حماية المصالح الروسية تمهيداً للمشاركة في عمليات التنقيب عن الذهب، ولا يخفى على أحد ان الاميركيين قلقون من التوصل الى اتفاق بين حميدتي ومجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية.

وأخيراً، فقد حذّر محلّلون من أنّ الفشل في إنهاء القتال بسرعة واستئناف المحادثات قد يؤدي الى انزلاق السودان مرّة أخرى الى حرب أهلية، وقد يزيد ذلك من زعزعة استقرار المنطقة التي  تعاني من تمرّد في الصومال، وقد يؤدي استمرار التقاتل وسط تدخلات خارجية الى تقسيم السودان الى خمس مناطق على الأقل، تتقاسمها القوى الخارجية وفق مصالحها.