Site icon IMLebanon

الحرب في السودان… إلى أين؟!!

 

 

يحظى القتال الدائر في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع باهتمام إقليمي ودولي منذ اندلاعه في الخامس عشر من نيسان الجاري لا سيما وأنه يهدّد أمن واستقرار منطقة هشّة..

 

واللافت ان اللاعبين الأساسيين على الساحتين الاقليمية والدولية اكتفوا بسحب ديبلوماسييهم وإجلائهم بشتى الطرق، وكأنهم يريدون إنقاذ حلفائهم وترك السودان الى مصيره… هكذا تبدو الأمور ظاهرياً.

 

وهنا أركّز في بداية حديثي اليوم على دور مصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي، الذي تمنيت في يوم من الأيام أن يقوم باحتلال ليبيا وإعادة الأمن والاستقرار الى هذا البلد الافريقي، كما فعل المرحوم الرئيس حافظ الأسد حين دخل لبنان وفرض الأمن وأوقف الاقتتال.

 

أعود الى مصر، فإنّ لها مصلحة طويلة الأمد في استقرار السودان بالنظر الى الحدود المشتركة بين البلدين والأهمية الاستراتيجية لنهر النيل… لقد شاركت مصر بنشاط في الوساطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وخاطبت الطرفين لاحتواء الأزمة والتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار.

 

الدافع الأساسي لمصر، كان التوصّل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ومنع اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق في السودان، وهذا هو الأهم. هذا الأمر لو حصل (أي الحرب الأهلية) فإنّ ذلك سيؤدي الى تدفق اللاجئين ويؤثر سلباً على الأمن المائي في مصر.

 

هذا من جهة.. أما من جهة أخرى فإنّ الوضع، إذا ما طال أمد الاشتباكات واتسع نطاقها، فإنّ ذلك سيؤثر أيضاً على الشراكة التجارية بين البلدين، خصوصاً أنّ جزءاً كبيراً من صادرات السودان الزراعية والحيوانية يصل الى الأسواق المصرية، ومنها ما يُعاد تصديره الى دول أخرى في ظل العقوبات المفروضة على السودان.

 

هذا بالنسبة لمصر… أما إثيوبيا فإنّ لديها مخاوف حيال توسّع دائرة الصراع السوداني وامتداد أمده والتداعيات المترتبة على ذلك وعلى الاستقرار في المنطقة.

 

إضافة الى ما تقدّم، فإنّ لإثيوبيا جارة السودان واللاعب الأهم في حوض النيل، مصلحة في ضمان عدم تصعيد الصراع. كما ان التوترات المستمرة بين إثيوبيا والسودان بشأن منطقة الفشقة المتنازع عليها وسد النهضة الإثيوبي الكبير يجعل إثيوبيا أحد أصحاب المصلحة في استقرار السودان.

 

وللسعودية والإمارات دورهما الذي يجب أن يضع حداً للقتال الدائر.

 

من جهة أخرى، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء الوضع في السودان، ودعا وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الذي أجرى اتصالات هاتفية مع قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان ومع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ودعاهما خلالها الى وقف فوري للأعمال العدائية بين الطرفين.

 

من هنا أقول إنّ الولايات المتحدة ليست مستعجلة لحل القضية السودانية، وإلاّ لكانت فرضت عقوبات على الطرفين… ولكانت فعلت ذلك إثر فض الاعتصام أمام قيادة الجيش في الخرطوم في الثالث من حزيران عام 2019.

 

ومن المرجح أن يكون اهتمام الولايات المتحدة باستقرار السودان مدفوعاً بأهدافها الاستراتيجية الأوسع في المنطقة بما في ذلك كبح جماع الصين وروسيا في القارة السمراء.

 

أما روسيا فإنها ليست راغبة في التدخل بالشأن السوداني حالياً، إذ يبدو دورها أكثر محدودية، فهو يتركز من الناحية الشكلية وبشكل أساسي على تقديم المساعدة العسكرية والتدريب للجيش السوداني.

 

وروسيا متهمة من الغرب بتدخلاتها العشوائية، إذ تعرّضت لانتقادات بأن ما تقوم به يؤدي الى تفاقم التوتر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

 

أما الصين فإنها تبنّت نهجاً أكثر حذراً تجاه الصراع في السودان، حيث تسعى الى الحفاظ على التوازن بين مصالحها الاقتصادية والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

 

إنّ ما يجري في السودان مؤلم حقاً… وأكبر دليل على ما يحدث من مآسٍ ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية، حين وصفت الخرطوم بساحات أشباح. أما نقابة أطباء السودان فوصفت الوضع بأنه كارثي، وأنّ جثث السودانيين تتناثر في الشوارع وعلى جوانب الطرق.

 

والعجيب الغريب، أنه لم يعد في السودان سوى إخلاء رعايا الدول، وهروب المواطنين، ودفن الجثث والبحث عن مستشفى لديه كهرباء لعلاج المصابين.

 

السودان بلد كبير، تلتقي حدوده بسبع دول أفريقية وتمتد الحدود المصرية – السودانية على أكثر من 1200 كيلومتر. كما لا يمكن تجاهل «هلال الدم الافريقي» الذي يمتد من «بوكوحرام» في نيجيريا الى تنظيم «القاعدة» في الصومال وجماعة «داعش» في موزمبيق.

 

باختصار، على الدول المحيطة بالسودان والنافذة في المنطقة وضع حدّ لما يجري… فالخوف كل الخوف أن يمتد الارهاب من السودان الى الدول المجاورة متأثراً بالحركات الارهابية هناك كما أشرنا.

 

على الدول كلها إنهاء التقاتل في السودان لمصلحة كل الدول والشعوب الأخرى… ولات ساعة مندم.