IMLebanon

سيناريوهات للحرب في سوريا وخارجها!؟

ينشغل الخبراء والقادة في بعض المعاهد العسكرية بنسج السيناريوهات المتعددة للحروب المحتملة في ساحة المعركة القائمة أينما وُجدت وعلى الساحات المقابلة حيث تكون أطراف المواجهة عينها سواءٌ بقواها مباشرة أو بتلك التي تنتدبها. وعلى هذه الخلفيات تتداول مراكز الدراسات الإستراتيجية والإستخبارية منذ فترة جملة من سيناريوهات الحروب المنتظرة على الساحة السورية وأخرى موازية لها. وهذا بعض من نماذجها.

في موازاة الحديث المتنامي عن بوادر الفشل الذي انتهى اليه «جنيف السوري» بنسخته الأخيرة بعد سقوط مقترحات الموفد الدولي الى دمشق ستيفان دوميستورا، توسّعت السيناريوهات السلبية التي تحدّثت عن عودة لغة الحرب لتسود على لغة السلم.

فالمقترحات الأُممية للإنتقال من مرحلة المواجهات العسكرية الى مرحلة سياسية انتقالية سقطت، ولذلك ظهر دوميستورا متشائماً على رغم الضمانات التي نالها لتسهيل مهمّته وبسعي العواصم الكبرى ولا سيما منها موسكو وواشنطن لتعزيز وقف النار المعلن على الأراضي السورية منذ شباط الماضي. وعليه فقد تحوّل الموفد الأممي أوّلَ شاهد على انسحاب الوفود السورية التابعة للنظام وتشكيلات المعارضة السورية من جنيف كلّ الى مقرّ عمله.

على هذه الخلفيات، تعدّدت السيناريوهات عن إشكال الحروب المرتقبة على الساحة السورية أوّلاً، كما في ساحات أخرى تتواجه فيها أطراف النزاع إياها.

علماً أنّ بعضاً من التوقعات التي تحدثت عن حروب على ساحات عدّة متفرّعة من الأزمة السورية قد سبقت ما يجري في الأيام الأخيرة من تطوّرات سلبية ونشرت لها سيناريوهات عدة بعضها كان افتراضياً، وأخرى كانت قريبة من المنطق كتلك التي تحدثت عن حرب روسية – تركية وأخرى زجّت بقوى دول سنّية شاركت في مناورات «رعد الشمال» بداية شباط الماضي قبل الوصول الى وقف النار في نهايته.

أولاً، على المستوى السوري، فقد شكل إعلان عدد من المنظمات السورية المعارضة عن حربها الجديدة رداً على الخروقات السورية والروسية المتمادية رغم وقف النار، مؤشراً للأشكال المرتقبة للحروب السورية المتجددة.

فقد خرجت هذه القوى من التزامات الإتفاق على خلفية التصنيف الروسي للقوى الإرهابية السورية ما سمح لقواته ومعها الجيش السوري وحلفاؤه باستمرار الهجمات في بعض المحاور من تدمر الى ريفَي حلب وحمص كما في ريف دمشق.

وتزامناً مع الشكوك والإتهامات المتبادَلة بين موسكو وواشنطن وما لديهما من حلفاء على الساحة السورية، فقد خرج الطرفان على مبادئ الهدنة منذ الإعلان عنها في 27 شباط الماضي. وأبرز ما سجّلته المراجع المعنية خرق الطرفين لما نصّ عليه اتفاق الهدنة الذي قضى بـ «التزام الأطراف، باستثناء «جبهة النصرة» و«داعش» بوقف العمليات العدائية وعدم محاولة السيطرة على مناطق جديدة».

وعليه فقد ترجمت المعارضة السورية بعد النظام، خروجها على اتفاق وقف النار بإطلاقها معركة جديدة تحت إسم «رد المظالم» امتدت من جبلي الأكراد والتركمان من ريف اللاذقية الى الحدود السورية ـ التركية ومنها الى سهل الغاب في ريف حماه الغربي وفق البيان «الرقم واحد» الذي تبنّته عشرة فصائل مختلفة بعد إعلانها عن تشكيل «غرفة عمليات رد المظالم» لقيادة العملية رداً على «انتهاكات وخروق جيش الأسد والروس معاً».

واللافت الذي توقفت عنده التقارير الإستخبارية الروسية والأميركية التي وصلت الى بيروت أخيراً أنّ بين الفصائل المشاركة في العملية قوى تأتمر بوفد المعارضة التي تدعمها السعودية والتي خاضت مفاوضات جنيف ما دفع الى احتمال توسّع السيناريوهات الى خارج الأراضي السورية أو دخول قوى إضافية من الخارج في المعركة الداخلية.

وثانياً، على المستوى الخارجي، فقد توقفت المراجع العسكرية عند مجموعة من السيناريوهات السابقة التي تحدّثت عن حروب أُخرى يمكن أن تجري على هامش الأزمة السورية ومنها المواجهة التركية ـ الروسية التي باتت في رأي البعض منهم افتراضية، لكنّ البديل منها منطقي.

ومنها ما يتحدّث عن تورّطٍ تركيٍّ أكبر في الحرب داخل الأراضي السورية انطلاقاً من الشمال في اتجاه العمق الإستراتيجي الذي تتحكّم به «داعش» على خلفية حصر المواجهة معها في المرحلة الراهنة، وهي التي باتت بصفاتها الإرهابية على مختلف لوائح الإرهاب الأميركية والروسية والسعودية والخليجية والإيرانية الى آخر المسلسل الدولي ولوائحه.

وتحدّثت التقارير الإستخبارية بكثير من الدقة والمعلومات التفصيلية عن حجم القوى التي يمكن إستخدامها في المواجهات المقبلة، فوضعت الجيش السوري النظامي في آخر لوائح القوى قدرة على المواجهة وعلى تغيير مواقع النفوذ، فيما أشارت الى احتمال أن تكون قوى المعارضة قد تسلّمت أنواعاً من الصواريخ المضادة للطيران وهو ما يهدّد السلاح الجوي الروسي الذي يدعم الجيش النظامي والقوى الإيرانية ووحدات «حزب الله» معاً.

وبناءً على ما تقدّم ومن دون الدخول في كثير من التفاصيل تجدر الإشارة الى أنّ هذه السيناريوهات يمكن أن لا ترى النور في حال نجحت روسيا والولايات المتحدة في «إعادة تشكيل سوريا الجديدة».

وإلّا فإنّ أقرب السيناريوهات يتحدّث عما يشبه «الخيار الوحيد» المتبقي للتحالف السنّي الجاري تركيبه ضدّ «داعش»، وقد يقود الى تدخل تركيا مباشرة فضلاً عن مساعدة السعودية ومجموعة من الدول التي شاركت في مناورات «رعد الشمال» وهو ما قد يضع الأزمة السورية في موقع جديد لا يشبه ما كانت عليه حتى الأمس القريب.