Site icon IMLebanon

الحرب في سوريا والحرب على سوريا

الحرب في سوريا قد تنتهي في أي وقت، أما الحرب على سوريا فمستمرة الى أجل غير مسمّى. وهذه الحرب تتخذ أشكالا مختلفة بين أن تكون حربا باردة أم حربا ساخنة وصاعقة كما هي اليوم، أم حربا انقلابية يستتر فيها اللاعب الخارجي وراء نياشين قادة الانقلابات العسكرية المتتابعة، كما حدث في خلال حقبة من القرن الماضي. ومن المفارقات ان سوريا هي التي كانت تتعرّض للعدوان دائما والاجتياحات، وحتى عندما كانت سوريا في صدد شنّ الحرب كان ذلك في معرض الدفاع عن النفس!

العداء لسوريا خارجيا واقليميا نابع من موقعها، ومن تكوينها الفكري والعقائدي الوطني والقومي والاجتماعي. وكانت سوريا من بين من أطلق الوعي القومي بالعروبة تمييزا لها عن الهيمنة العثمانية التركية في ظلّ الخلافة الاسلامية، فاستحقت عداء الجوار التركي. واتبعت نهجا قوميا مدنيا أقرب الى العلمانية دون العداء للأديان والرسالة الإلهية، فاستحقت عداء المتطرفين الاسلاميين في الشرق والمتطرفين المسيحيين في الغرب. ودعت الى الوحدة العربية على أساس قومي، فاستفزت عداء الغرب الاستعماري وكل طامع بالهيمنة على ثروات المنطقة عن طريق تقسيم العرب وتفتيتهم في كيانات متنافرة ومتنابذة، كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية، وتقاسم النفوذ الغربي في المنطقة العربية ولا سيما بعد اتفاقية سايكس – بيكو.

طعن الخاصرة العربية بانشاء الكيان الاسرائيلي في فلسطين كان هو العامل الحاسم في تفعيل العداء لسوريا في الغرب وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية حامية الكيان الصهيوني، وبريطانيا الأب الروحي لاغتصاب أرض فلسطين وتسليمها الى الوكالة اليهودية العالمية لانشاء الكيان الاسرائيلي. وستستمر الحرب على سوريا ما دامت سوريا تنبض بمشاعر النهوض القومي والوحدة العربية والتصدّي للاحتلالات الأجنبية، من السلطنة العثمانية والى الانتداب الفرنسي فالى العربدة الاسرائيلية. وحتى لو تطهّرت اليوم من رجس الارهاب التكفيري، فان الحراب الخارجية لقوى الهيمنة والتسلّط ستبقى موجهة اليها دائما والى أحد أجلين: اما ان تخلع سوريا عن نفسها ثوب العروبة القومي، واما الى ان تزول اسرائيل من الوجود!