حرب سوريا دخلت سنتها السابعة ب نجاح فاق أسوأ الكوابيس: نصف الشعب بين نازح في الداخل ولاجئ الى الخارج. ١٣ مليون شخص في حاجة الى معونات غذائية وطبية. ٤٦٥ ألف ضحية بين قتيل ومفقود. اعادة الاعمار تحتاج الى ثلاثمئة مليار دولار لاعادة سوريا الى ما كانت عليه قبل ثلاثين سنة. النظام بقي، ولكن في سوريا المفيدة للروس والايرانيين والأتراك والأميركان أكثر منها للسوريين. المعارضون اصطدموا بعنف النظام والحقائق الدولية القاسية واكتشفوا ان عسكرة الثورة قادت الى التطرف والتطيّف والأسلمة. سوريا لم تعد سوريا. السوريون في كل المواقع هم أضعف اللاعبين. وكل متطرف في الأرض جاء، اذا استطاع، الى سوريا للقتال مع دولة الخلافة الداعشية وامارة جبهة النصرة القاعدية.
ذلك ان روسيا نجحت في تحقيق أهداف جيوسياسية عدة بينها قطع سلسلة الثورات الملونة كما قال وزير الدفاع سيرغي شويغو. وهي غلّفت أهدافها في سوريا ثم في المنطقة والعالم من خلال دورها في سوريا بخطاب محاربة الارهاب ومنع تكرار نموذج ليبيا في سوريا. ايران نجحت في منع نموذج تونس وفي حماية مشروعها الاقليمي من خسارة الجسر السوري الى لبنان وفلسطين. تركيا التي فشلت في اسقاط النظام والرهان على محمد مرسي سوري نجحت في التدخل العسكري المباشر بالتفاهم مع موسكو، واقامة منطقة خاضعة لسيطرتها في الشمال السوري لتضمن حصة في الكعكة. وأميركا التي حاولت وفشلت في ترتيب نموذج مصر عبر انقلاب عسكري، نجحت في حماية الكرد كشريك محلي يخوض المعركة ضد داعش بمساعدة مستشارين من المارينز.
وكما في الحرب كذلك في وقف النار: الروس والايرانيون والأتراك الذين يقاتلون هم الضامنون لوقف النار الجزئي والهش. وليس ما يدور تحت عنوان الحل السياسي سوى تمارين في العبث: بحث عن تسوية ليست تسوية. وترتيب سلال في جنيف عبر الاشراف الرسمي للأمم المتحدة ودور الموفد الخاص ستيفان دي ميستورا من دون أية رغبة في وضع شيء في أية سلة: من الحكم الى الدستور الى اجراء انتخابات، وبالتالي الانتقال السياسي.
أما من يلعب كل الأدوار في سوريا ثم في استانة وجنيف، فانه اللاعب الروسي. وهو يستعجل ترتيب تسوية ما، لكنه يصطدم بعاملين: أولهما أجندات النظام والمعارضين والايرانيين والأتراك ودول الخليج. وثانيهما غموض العلاقة الممكنة مع الشريك الأميركي الغائب عن الدور حتى اشعار آخر.
ولا أحد يعرف متى تنتهي الحرب، ولا ما ستكون عليه صورة سوريا: لكن الوجه الآخر للسؤال عن مستقبل السوريين هو السؤال عن مستقبل روسيا وايران وتركيا وأميركا والخليج في سوريا.