بمُوازاة الخطابات السياسيّة العالية السقف، والتراشق الإعلامي بين قيادات ومسؤولي ومرشّحي الأحزاب السياسيّة اللبنانيّة الأساسيّة، تدور في الخفاء معركة كُبرى بين الماكينات الإنتخابيّة الحزبيّة المُختلفة، وهي معركة بدأت منذ بضعة أسابيع ومن المُرجّح أن تشتدّ تصاعديًا وُصولاً إلى يوم الإنتخابات في السادس من أيّار المُقبل.
وبحسب أوساط «التيّار الوطني الحُرّ» إنّ الماكينة الإنتخابيّة التابعة للتيّار أنجزت منذ مدّة إحتساب القُوّة التجييريّة للتيّار في مُختلف الأقضيّة بعد فرز اللوائح الإنتخابيّة بالتنسيق مع مسؤولي القرى والبلدات المختلفة. كما أنّها أنجزت تدريب المندوبين الذين سينتشرون في مُختلف أقلام الإقتراع وبأعداد كبيرة، ونفّذت لقاءات عدة شرحت فيها لعدد كبير من المفاتيح الإنتخابيّة كيفيّة الإقتراع، وتدارست معهم بشأن المُستلزمات اللوجستيّة المطلوب تأمينها لتوفير أعلى نسبة إقتراع في السادس من أيّار المُقبل. وكشفت الأوساط نفسها أنّ الماكينة الإنتخابيّة للتيّار تتحضّر لتنفيذ مُناورة إنتخابيّة كبرى في الأيّام القليلة المقبلة.
وبحسب أوساط حزب «القوات اللبنانيّة» إنّ الماكينة الإنتخابيّة للقوات قسّمت العمل على 26 منطقة تُمثّل الدوائر الإنتخابيّة الصُغرى التي ستُشارك فيها القوات في الإنتخابات بفعاليّة من ضمن الدوائر الإنتخابيّة كلّها. وأوضحت الأوساط نفسها أنّ القوّات أنشأت تطبيقا خاصًا سيتمّ إستخدامه على الهواتف الذكيّة التابعة للمندوبين لتفعيل التنسيق السريع بين كامل الماكينة الإنتخابيّة من أعلى الهرم نُزولاً. وقالت إنّ هؤلاء المندوبين خضعوا لدورات تدريبيّة لتمكينهم من التعامل مع الأنظمة المعلوماتية والرقميّة بفعاليّة، ولتثقيف قانوني يسمح لهم بكشف أي مُخالفات إجرائيّة يُمكن أن تحصل داخل أقلام الإنتخاب، تمهيدًا لتوثيقها والإعتراض رسميًا عليها وإبلاغ الإعلام بشأنها. وأشارت الأوساط عينها إلى أنّ الماكينة الإنتخابيّة القُوّاتية تعمل بشكل دقيق ومُنظّم جدًا، بشكل يعود بفائدة كبرى يوم الإنتخابات، خاصة لجهة القُدرة على مُتابعة عمليّات الإقتراع عن قرب، ليس من قبل المُحازبين والناشطين فحسب، بل من قبل الفئة الوسطية وغير المُسيّسة التي تعمل القوات على جذب أصواتها.
وبالإنتقال إلى الماكينة الإنتخابيّة التابعة لحركة «أمل» فقد جرى تكليف 11 مسؤولاً رفيعًا مسؤولية إدارة الماكينة الإنتخابية للحركة في 11 منطقة إنتخابيّة أساسيّة، سيُشارك فيها «الثنائي الشيعي» بشكل فاعل. وأشارت أوساط قريبة من «الثنائي الشيعي» إلى أنّ «الحركة» وزّعت العمل على لجان صُغرى في القرى والبلدات الصغيرة، تقوم برفع تقاريرها إلى لجان مركزيّة على مُستوى القضاء. وأوضحت أنّ الأعمال التحضيريّة شملت إعداد لوائح الناخبين، وتدريب وتأهيل المندوبين، وتحضير وصياغة الحملات الإعلاميّة التي يتمّ تنفيذها حاليًا وُصولاً إلى موعد الإقتراع.
وبحسب المعلومات المُتوفّرة، إنّ مُهمّة توزيع «الصوت التفضيلي» بحسب كل منطقة ستتمّ وفق تعليمات واضحة سيتم تعميمها قريبًا بالتنسيق الكامل بين «حركة أمل» و«حزب الله» الذي وصفت الأوساط القريبة من «الثنائي الشيعي» ماكينته الإنتخابيّة بالمُنظّمة جدًا، حيث أنّها تستخدم مجموعة كبيرة من أحدث التجهيزات الإلكترونية والبرامج المعلوماتيّة لفرز لوائح الشطب وإحصاء الناخبين المؤيّدين، وكذلك الناخبين الذين يُوصفون بالرماديّين، ولتقدير عدد ناخبي الخُصوم أيضًا. وأضافت هذه الأوساط أنّ ماكينة «الحزب» ستقوم يوم الإنتخاب برفع تقارير دقيقة مُتتالية عن حركة الناخبين مع تقدير لتوجّهات عمليّات التصويت، بهدف مُساعدة اللجان المركزيّة على مُعالجة أي ثغرات أو مفاجآت إنتخابيّة بسرعة قياسيّة خلال يوم الإنتخاب.
وفي السياق عينه، كشفت أوساط قريبة من «تيّار المُستقبل» أنّ ماكينته الإنتخابية لدورة إنتخابات العام 2018 النيابيّة، تتميّز بوسعها الجغرافي وبارتفاع عديدها البشري، حيث جرى توزيع هذه الماكينة إلى لجان صغيرة لكنّها تترابط في ما بينها على مُستوى القضاء، ومنه على مُستوى الدائرة الإنتخابيّة الواحدة، وُصولاً إلى لجنة مركزيّة تُدير العمليّة الإنتخابيّة على كامل مساحة لبنان. وأضافت أنّ عمل هذه الماكينة الإنتخابيّة يشمل ثلاثة محاور أساسيّة، هي: المحور السياسي لجهة القيام بتنسيق العمل والحملات مع القوى الحليفة في مُختلف الدوائر الإنتخابيّة، والمحور الإعلامي المُكلّف القيام بحملات تحفيز للناخبين المُؤيّدين ولمواجهة الحملات المُضادة أيضًا، والمحور اللوجستي لجهة تقدير الأصوات المُؤيّدة وتلك المُعارضة للوائح «التيّار الأزرق» تمهيدًا لتوزيع «الصوت التفضيلي» وفق هذه الإحصاءات.
وكشفت مصادر سياسيّة مُطلعة أنّ طبيعة القانون الإنتخابي تستوجب وُجود ماكينات إنتخابيّة قويّة ومنظّمة، لتأمين حشد أكبر نسبة مُمكنة من «الحواصل الإنتخابيّة» والأهم لتأمين توزيع «الصوت التفضيلي» بشكل غير فوضوي يرفع من فرص الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد النيابيّة. وإذ لفتت إلى أنّ مُختلف القوى الحزبيّة والسياسيّة، بما فيها الأحزاب الثانوية وغير الرئيسة، عزّزت عشيّة إنتخابات العام 2018 ماكيناتها الإنتخابيّة بشكل واضح، أكّدت أنّ الماكينات الأكثر تنظيمًا تبقى كل من ماكينتي «حزب الله» و»القوّات» والماكينات الأوسع إنتشارًا هما ماكينتي «الوطني الحُرّ» و«المستقبل». وختمت هذه المصادر نفسها كلامها بأنّ حرب الماكينات الإنتخابيّة الحزبيّة إندلعت منذ أسابيع عدّة، الأمر الذي يُمكن تحسّسه بشكل أكثر وُضوحًا داخل القرى والبلدات الصغيرة، متوقّعة أن تشتدّ المواجهات بين الماكينات الإنتخابيّة الحزبيّة في الأيّام والأسابيع القليلة المقبلة، وأن تتصاعد وتيرتها كلّما أقتربنا من موعد السادس من أيّار، لسبب بسيط أنّ نصف المعركة الإنتخابية يتمّ قبل يوم الإقتراع والنصف الباقي في هذا اليوم بالتحديد!